رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

عبد الوهاب عيساوي يفوز بجائزة البوكر العربية 2020

شارك

فاز الروائي الجزائري عبد الوهاب عيساوي بالجائزة العالمية للرواية العربية أو البوكر العربية 2020 عن روايته ” الديوان الإسبرطي” الصادرة عن دار ميم للنشر في الجزائر، وهب المرة الأولى التي يفوز فيها روائي جزائري بالجائزة، وذلك بعد منافسة بين 16 رواية لكتاب عرب من سوريا، المغرب، ليبيا، تونس، العراق، السعودية.

وعبد الوهاب عيساوي روائي جزائري من مواليد 1985 بالجلفة، تخرج من جامعة زيّان عاشور، ولاية الجلفة، مهندس دولة إلكتروميكانيك ويعمل كمهندس صيانة، فازت روايته الأولى “سينما جاكوب” بالجائزة الأولى للرواية في مسابقة رئيس الجمهورية  عام 2012، وفي العام2015، حصل على جائزة آسيا جبار للرواية التي تعتبر أكبر جائزة للرواية في الجزائر، عن رواية “سييرا دي مويرتي”، أبطالها من الشيوعيين الإسبان الذين خسروا الحرب الأهلية وسيقوا إلى معتقلات في شمال إفريقيا. في العام 2016، شارك في “ندوة” الجائزة العالميةللرواية العربية (ورشة إبداع للكتاب الشباب الموهوبين)، وفازت روايته “الدوائر والأبواب” بجائزة سعاد الصباح للرواية 2017. فاز بجائزةكتارا للرواية غير المنشورة 2017 عن عمله “سفر أعمال المنسيين”.

من بلدة عين حاسي بحبح بالجلفة بعيدا عن الأضواء و صخب المدن على سفح جبل الاحداب على امتداد تلال و سهول صاغ فيه هذا الكاتبالشاب المتواضع جهده بعيدا عن الشلل القاتلة يفوز اليوم داخل هذه العزلة الحياتية و الكتابية بجهده و قوة كلمته.

ترصد  الرواية حياة خمس شخصيات تتشابك في فضاء زمني ما بين عام 1815 إلى 1833، في مدينة المحروسة في الجزائر.

وقال رئيس لجنة التحكيم محسن الموسوي “تتميز رواية الديوان الإسبرطي بجودة أسلوبية عالية وتعددية صوتية تتيح للقارئ أن يتمعن فيتاريخ احتلال الجزائر روائياً ومن خلاله تاريخ صراعات منطقة المتوسط كاملة، كل ذلك برؤى متقاطعة ومصالح متباينة تجسدها الشخصيات الروائية”.

وهذا ما جاء في حواره مع لمياء سرحاني:

ما الدور الذي يمكن أن يقوم به الادب في التعارف بين الثقافات؟

يقدم الأدب عامة والرواية خاصة صورة عامة عن المجتمعات التي تكتب عنها، عرّفتنا روايات دوستويفسكي بالمجتمع الروسي في القرن التاسع عشر، كيف يعيش، وكيف هي الحياة من كل جوانبها، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وحتى ردات فعل الناس عليها، وهواجسهم النفسية، مثلما عرّفتنا روايات بلزاك على المجتمع الفرنسي إذ يسرد تفاصيل حياته بدقة، ونجد الأمر نفسه عند العرب، روايات نجيب محفوظ عن الحارة المصرية، تصف طريقة حياة الناس وهمومهم اليومية وأحلامهم. بهذه الطريقة يستطيع الروائي أن ينقل ثقافة بلده إلى الشعوب الأخرى، وبالتالي يصبح الأدب نقطة التفاعل الأبرز بين الشعوب.

ما الذي دفعك لكتابة هذه الرواية ؟

هناك الكثير من الأسئلة الراهنة التي تثار في الجزائر، أسئلة عن الهوية الجزائرية، وعن التقاطعات بين الحضارة الإسلامية والفضاء المتوسطي، ولا يمكن قراءتها إلا بالعودة إلى أول صدام بين الحضارتين الغربية والإسلامية، ولعل أهم تصادم كان بالاحتلال الفرنسي للجزائر، ولهذا جاءت الرواية قراءة عامة لتلك الأوضاع من جوانب عديدة، مسلطة الضوء على شخصيات روت لنا أحداثا من زوايا مختلفة، كل شخصية لها وجهة نظر مستقلة عن الأخرى، وهكذا يُتاح للقارئ رؤية صورة بانورامية عن الوضع قبل وبعد الاحتلال، ليشكل وجهة نظره، أو يرزح إلى وجهة نظر من وجهات النظر المتعددة التي قدمتها الرواية.

هل كان بوسع تاريخ الجزائر ان يسلك طريقا اخر ؟

مع أن التاريخ يسير في شكل خطي، ولكن في الوقت نفسه يعيد الكثير من الحوادث بتفاصيل مختلفة بعض الشيء، فالأحداث التي يعشها العالم  تعود أغلب مسبباتها إلى أخرى مشابهة حدثت قبل مئات السنين، وبالتالي تجعل هذه الدورانية الأمر مربكا في الخيارات المختلفة التي تتخذها الدول، وليس سهلا التقدير إن كانت ستنجح أم لا، ولهذا لا يمكن إعطاء حكم في هذا الشأن، فالتاريخ نفسه يكرر الأحداث في الجزائر عبر حقب مختلفة.

معظم الرواد الذين تعلمنا منهم، أساتذة تفكيرنا أمثال طه حسين عباس العقاد حسين هيكل إلخ تبنوا  دعوة تحديث المجتمع وإمكانية تغييره والسعي نحو تطويره هل تشاطرون طموحا كهذا؟

لطالما  كان أصحاب الأفكار المختلفة  عرضة للتشكيك وحالات سوء الفهم ، فرغم اختلاف الرؤى الذي يميّز هؤلاء ، إلاّ أنّهم حاولوا التغيير كلّ ٌبطريقته من خلال الكتابة كفعل تغيير، كشهادة حية عن العصر الذي يعيشه الكاتب -والكاتب شاهد على عصره وزمانه كما يقول الطاهر بن جلون-  بالتأكيد أحلم بمجتمع مختلف، منفتح على القراءات المتنوعة، متقبلا للاختلاف الفكري، محافظا على العلاقة الإنسانية بين أفراده، ولا أجد وسيلة غير الفعل الثقافي الذي يمكن من خلاله صناعة مجتمع قادر على التجاوز و الاختلاف.

هل توقعتم حصولكم على جائزة البوكر ؟

اشتغلت كثيرا على “الديوان الإسبرطي” وبذلت جهدا غير مسبوق ليكون في مستوى التنافس ، في بداية الأمر  توقّعت ذلك، لكن فجأة حدثت بعض الربكة،  فالروايات الكبيرة التي في القائمة القصيرة تجعل فرصة الفوز ضئيلة، ولكن رأي اللجنة كان لصالح رواية الديوان الإسبرطي.

يطيب للبعض اتهام الشعراء والأدباء بتغيبهم عن الواقع الثقافي عن سبق إصرار وترصد  مما جعل العمل  الثقافي مصابا بالعرج وأن الأدباء العرب وبعض أصحاب الوعي القاصر يربطون النتائج  التي آلت إليها الثقافة العربية بغير أسبابها الحقيقية فما هي في رأيك الأسباب الحقيقية خلف ذلك؟

يرجع غياب المثقف إلى سببين، الأولى: حالة الخيبة التي يعيشها بسبب صعوبه تلقّي خطابه المختلف، أما الثانية:  الغياب أو التغييب الممارس ضدّه، فالسياسية تراهن على  توظيف المثقف لصالحها مهما كان توجهها،  فإنْ لم تستطع أهملتهُ و غيّبته بطريقتها الخاصة، فمن الصعب أن تكون مثقفا في نسيج يحرسه التلقّي الإيديولوجي بصرامة.

كما نرى لقد بدأ الكثير من الأدباء والشعراء يقتنعون بفعل الترجمة كمشروع فكري وحضاري إيمان من الكل بما تأتي به الترجمة من إضافة معرفية وثقافية تعود بالفائدة على كل الآداب وتمنحها بعدا تواصليا مطلوبا.  أين الأستاذ عبدالوهاب عيساوي من الترجمة و متى سيتم ترجمة روايتك ” الديوان الاسبرطي” ؟

بالتأكيد تعتبر الترجمة رافدا مهما لإيصال صوت الكاتب إلى آفاق أخرى وثقافات مختلفة عن ثقافات بلده، مثلما تمنح النص حضورا أقوى  قراءة، وتفاعلا واستقطابا. أما بالنسبة لروايتي فمن المنتظر أن تترجم إلى الإنجليزية لأنه من تقاليد جائزة البوكر ترجمة العمل الفائز إلى هذه اللغة.

شكرا لك استاذ عبد الوهاب اترك لك الكلمة الاخيرة.

العفو، هي دعوة مفتوحة على القراءة، وتقبل كل وجهات النظر المختلفة، والحوار لغتنا الوحيدة لتبادل وجهات النّظر وتلقّي أخرى ..يمكننا العيش بسلام على هذه الأرض وإنْ اختلفت وجهات نظرنا ..فعلى هذه الأرض مايستحق الحياة..

مقالات ذات صلة