رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

“الخليج وسوريا: عودة إلى الحضن العربي بدفء الأخوّة وأصالة الموقف”

شارك

بقلم رئيس التحرير

منذ لحظة سقوط النظام البائد في سوريا، لم تتردد دول الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، في مدّ يد العون للشعب السوري، والتأكيد على أن سوريا، الدولة والتاريخ والشعب، لا يمكن أن تُترك وحيدة في مهبّ الرياح الإقليمية التي سعت لتدمير هويتها العربية وزرع الفتنة والتمزيق في نسيجها الوطني.

فمنذ اليوم الأول للمرحلة الانتقالية، وقفت دول الخليج موقفًا مشرّفًا، ليس بالكلمات والخطابات، بل بالأفعال والمبادرات، التي تمثلت في دعم سياسي وإنساني ودبلوماسي لافت، أثمر مؤخرًا عن تطور غير مسبوق تمثّل في رفع عدد من العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، تمهيدًا لإعادة إدماجها في محيطها العربي والدولي.

زيارة الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، إلى الخليج كانت بمثابة إعلان صريح بأن سوريا اختارت طريق العودة إلى عمقها العربي، ورفضت أن تكون ورقة بيد المحاور الظلامية التي أسهمت في تدميرها ونهب مواردها.
لقاؤه بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكذلك سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، لم تكن زيارات بروتوكولية، بل كانت لقاءات محورها سوريا الإنسان، وسوريا العروبة، وسوريا التي أنهكتها الحرب والمؤامرات.

لقد أثبتت هذه الدول أنها لا تنظر إلى سوريا من منظور المصالح الآنية أو التحالفات المرحلية، بل من زاوية الإخاء التاريخي، والانتماء القومي، والمصير المشترك.
الحرص الخليجي على استعادة سوريا لعافيتها كان واضحًا من خلال الجهود المبذولة في المحافل الدولية، والتي كان لها الدور الأساسي في تخفيف الحصار وفتح نوافذ الأمل أمام الاقتصاد السوري.

ليس خفيًا أن رفع العقوبات ما كان ليتم لولا الضغط الإيجابي والدبلوماسية الهادئة التي مارستها الدول الخليجية الكبرى على أطراف القرار العالمي، وخاصة في واشنطن .
لقد وضعت هذه الدول ثقلها السياسي والاقتصادي في سبيل حماية الشعب السوري من العقوبات التي لم تطل سوى المدنيين، وتركت الفاسدين في مأمن لعقود.
ومع تغيّر المعادلة، أصبح الصوت العربي أكثر تأثيرًا، لا سيما عندما يكون صادقًا ومنطلقًا من نوايا نبيلة.

اللقاءات بين الرئيس الشرع وقادة الخليج عكست حالة من اللهفة الصادقة لرؤية سوريا مستقرة وآمنة ومزدهرة، تعود لتلعب دورها الريادي في المحيط العربي، وتبتعد عن محاور الشر التي استنزفتها وأدخلتها في أتون الاحتراب والتمزق.
لا أحد منّا ينسى كيف سعت إيران طوال السنوات الماضية لزرع ميليشياتها، ونهب خيرات البلاد، وتحويل القرار السوري إلى ورقة بيد حرسها الثوري.
لكن الخليج، اليوم، يقدم البديل الحضاري، النظيف، المرتكز على التنمية والسلام والشراكة العاقلة.

لقد حظيت سوريا باهتمام غير مسبوق، وكانت ملفاتها حاضرة بقوة في غرف القرار الخليجية، الأمر الذي أدى إلى تفعيل آليات إعادة الإعمار، وإطلاق مشاريع تنموية كبرى بتمويل خليجي خالص، هدفه إنقاذ الشعب السوري من سنوات الخراب، وليس شراء النفوذ.

الرسائل التي حملها الشرع من الخليج إلى الداخل السوري كانت واضحة: أنتم لستم وحدكم، والخليج معكم، ولن يترككم فريسة للحصار أو التبعية.
لقد عبّر القادة الخليجيون عن محبتهم لأهل سوريا، وتقديرهم لصمودهم، وحرصهم على بناء جسور جديدة من التعاون والتكامل الاقتصادي والثقافي، بعيدًا عن لغة الإملاء والوصاية.

إنها مرحلة جديدة في تاريخ سوريا، مرحلة الانفتاح العربي لا الاستلاب الفارسي، ومرحلة البناء لا التخريب.
والفضل، بعد الله، يعود إلى أولئك القادة الذين أثبتوا أن السياسة ليست فقط لعبة مصالح، بل مواقف إنسانية وتاريخية، كالتي وقفها الشيخ محمد بن زايد، ومحمد بن سلمان، وتميم بن حمد.

اليوم، نستطيع أن نقول بثقة:
سوريا تعود… والخليج كان ولا يزال بوابتها الآمنة نحو الكرامة والسيادة والاستقرار.

مقالات ذات صلة