رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

اضطراب فرط الحركة.. أعراض صاخبة لمعاناة صامتة

شارك

أكد مختصان في الطب النفسي والاجتماعي أن الإهمال ونسيان التفاصيل وعدم القدرة على إنجاز المهام والاندفاعية في اتخاذ القرارات – وغيرها من السلوكيات التي تفسر مجتمعياً، في الأغلب، على أنها «دلَع» أو سلوك ناتج عن «قلة التربية» – تتطابق مع الأعراض التي يسببها اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، الذي يصيب 5 إلى 7% من الأطفال، وتستمر أعراضه لدى 2.5 إلى 4% منهم إلى ما بعد سن البلوغ.

وقالا إن عدم التشخيص المبكر لهذا الاضطراب، على الرغم من أعراضه «الصاخبة»، تنتج عنه سنوات من المعاناة الصامتة لدى المصابين، في ظل ما يتعرضون له من مضايقات، نفسياً واجتماعياً ومهنياً، نتيجة التفسير الخاطئ لتصرفاتهم.

وتفصيلاً، شرح استشاري الطب النفسي، الحاصل على الزمالة الكندية في اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، الدكتور معاذ الزرعوني، أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هو اضطراب نمائي عصبي مزمن يبدأ في الطفولة، وقد يستمر مدى الحياة إذا لم يُشخّص ويُعالج بالشكل الصحيح.

وحول طبيعة الأعراض لدى البالغين، قال الزرعوني إنها تشمل صعوبة التركيز، ونسيان المواعيد، وتأجيل المهام، والاندفاع في اتخاذ القرارات.

وقال: قد يُنظر إلى هذه السلوكيات في بيئة العمل على أنها إهمال أو عدم التزام، في حين أنها ناتجة عن اضطراب يؤثر مباشرة في تنظيم الوقت والانتباه.

وأضاف: يعاني كثير من المصابين حساسية الرفض، ما يجعلهم يتأثرون بانتقادات بسيطة، ويؤدي ذلك إلى توتر علاقاتهم المهنية، ويضخم شعورهم بعدم التقبل، على الرغم من تمتعهم بالذكاء والابتكار، ما يحوّل بيئة العمل إلى مصدر ضغط بدلاً من أن تكون محفّزاً للإبداع.

وأكد أن تحديات الاضطراب لا تتوقف عند حدود العمل، بل تمتد إلى نمط الحياة اليومي، حيث يعاني المصابون اضطرابات نوم وعادات غذائية غير منتظمة، إضافة إلى ضعف الدافعية تجاه ممارسة الرياضة أو الأنشطة الاجتماعية، ما يؤثر سلباً في جودة الحياة.

وحول تأخر تشخيص الاضطراب لدى البالغين، قال إنه يقود إلى سنوات من المعاناة الصامتة وسوء الفهم للذات، كما أن كثيراً من المصابين يمرون بتجارب فاشلة، وشعور بالتشتت، وضعف الثقة بالنفس، من دون معرفة السبب الحقيقي، ما يدفعهم أحياناً إلى اتخاذ قرارات خاطئة في العمل والعلاقات، أو يعرضهم للقلق والاكتئاب.

وأضاف أن بعض المرضى يصلون إلى العيادة بعد سنوات من المعاناة، ويعبّرون عن «شعور بالراحة الممزوجة بالحزن»، وبعد التشخيص يكتشفون أن ما عانوه لم يكن ضعفاً في الشخصية أو فشلاً، بل كان اضطراباً عصبياً يمكن التعامل معه.

وذكر أن الاضطراب قد يتخفى وراء اضطرابات نفسية أخرى، ما يصعّب عملية التشخيص، فقد يُشخّص المصاب بالقلق أو الاكتئاب بسبب التوتر أو الشعور المتكرر بالفشل، وقد تُفسَّر اندفاعيته وصعوبة بناء العلاقات الاجتماعية على أنها علامات على اضطراب الشخصية الحدية أو اضطراب ثنائي القطب.

وشدد على ضرورة وعي الأطباء والمعالجين بكيفية تداخل هذه الاضطرابات، وأهمية استخدام أدوات تشخيص دقيقة، تشمل تقييماً شاملاً للتاريخ الطبي والنفسي منذ الطفولة، إلى جانب فحص وجود اضطرابات مصاحبة، لتفادي الخلط بين الأعراض.

مقالات ذات صلة