رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

طب الإبيجينيتيك: تعديل نشاط الجينات دون تغييرها

شارك
الإمارات نيوز

مفهوم الإبيجينيتيك وأهميته في الطب الحديث

تُعدُّ الإبيجينيتيك فرعًا متقدمًا من علوم الوراثة يدرس كيفية تعديل نشاط الجينات دون تعديل تسلسل الحمض النووي نفسه. بمعنى آخر، يركز هذا العلم على التغييرات التي تؤثر على التعبير الجيني، مما يغير من وظيفة الجين، دون أن تكون هناك تغييرات دائمة في تركيب الـDNA. هذا المجال يفتح آفاقًا جديدة في فهم العديد من الأمراض وكيفية علاجها.

آليات الإبيجينيتيك الأساسية

تتعدد الطرق التي يتم من خلالها تعديل نشاط الجينات دون تغيير التسلسل الجيني، ومن أهم هذه الآليات:

  • مثيلة الحمض النووي (DNA Methylation): حيث يتم إضافة مجموعات مثيلة إلى جزيئات الـDNA، مما يعيق التعبير الجيني.
  • تعديل هيستونات البروتين (Histone Modification): تتغير درجة التفاف الـDNA حول بروتينات الهيستون، مما يؤثر على قدرة الجينات على التعبير.
  • تدخل RNA غير المشفر (Non-coding RNA): أنواع معينة من الرنا تعمل على تنظيم نشاط الجينات عبر التأثير على عملية النسخ أو الترجمة.

الدور العلاجي للإبيجينيتيك

تتمثل أهمية تعديل النشاط الجيني في عدة مجالات طبية حيوية، منها:

  • علاج السرطان: العديد من أنواع السرطان تعتمد على التغيرات الإبيجينية التي تؤدي إلى تعطيل الجينات المثبطة للأورام أو تنشيط الجينات المسرطنة.
  • الأمراض العصبية: تشير الدراسات إلى أن الاضطرابات العصبية مثل الزهايمر والاكتئاب يمكن أن تكون مرتبطة بتغييرات إبيجينية، مما يفتح الباب أمام علاجات جديدة.
  • الأمراض الوراثية المعقدة: حيث يمكن تعديل التعبير الجيني لتخفيف الأعراض أو تعديل مسار المرض دون الحاجة إلى تعديل الجين نفسه.

كيف يؤثر نمط الحياة على الإبيجينيتيك؟

يلعب النظام الغذائي، والتوتر النفسي، والتعرض للسموم، ومستوى النشاط البدني دوراً كبيراً في التغيرات الإبيجينية. على سبيل المثال:

  • التغذية الغنية بمضادات الأكسدة يمكن أن تعزز التعديلات الإيجابية في الجينات.
  • التعرض المستمر للإجهاد قد يؤدي إلى تغييرات سلبية في التعبير الجيني.
  • تجنب التدخين والمواد الكيميائية الضارة يساهم في الحفاظ على التعديلات الجينية الصحية.

الخلاصة

يُعتبر المجال الإبيجينيتيكي من أحدث العلوم التي توفر فهمًا أعمق للعلاقة بين الوراثة والبيئة وتأثيرهما على صحة الإنسان. مع تطور تقنيات تعديل النشاط الجيني دون تغيير تسلسله، أصبح بالإمكان تطوير علاجات أكثر دقة وفعالية تناسب طبيعة الأمراض المختلفة، مما قد يُغير مستقبل الطب بشكل جذري. من الضروري أيضًا الاهتمام بالنمط الحياتي الصحي، الذي يلعب دورًا رئيسيًا في الحفاظ على التوازن الإبيجينيتيكي المثالي.

مقالات ذات صلة