تواصل السينما السعودية حضورها الدولي بشكل لافت من خلال اختيار فيلم “هجرة” للمخرجة شهد أمين للمشاركة في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في نسخته الـ82، الذي يقام من 27 أغسطس حتى 6 سبتمبر. يعكس هذا الاختيار تميز المخرجة بعد النجاح الذي حققته بفيلمها السابق “سيدة البحر”.
رحلة الفيلم والتصوير في جغرافيا السعودية
بعد سنوات من التحضيرات، يطرح فيلم “هجرة” قصة إنسانية مدمجة بين الواقعية والرمزية، تستعرض رحلة عبر مختلف مناطق السعودية وثقافاتها المتنوعة. إذ لم يكن التصوير مجرد تنقل بين مواقع، بل كان رحلة شعورية ومكانية استغرقت أكثر من ألفي كيلومتر على مدى 55 يوماً. جاب فريق العمل ثماني مدن سعودية، منها بني مالك، الطائف، جدة، العلا، تبوك، نيوم، وضبا، حيث كانت المدن شخصيات صامتة تتنفس كل مشهد، وتعطي هوية خاصة للعمل. بدأت الرحلة من سفوح بني مالك ومرتبطة بجوهر القصة، وانتهت في ضبا، منسجمة مع طبيعة المكان والتاريخ.
رمزية المدن وشخصيتها في الفيلم
لم تكن هذه المواقع مجرد خلفيات، بل كانت تشكل حوارات خفية مع الشخصيات، وملامح تنبض بالحياة في كل مشهد، مما يعكس تفاعل الإنسان مع المكان بطريقة فنية فريدة. إذ تحولت جغرافيا السعودية إلى بطلة حقيقية تلازم أحداث الحكي، وتمنحها عمقاً إضافياً.
رحلة نسائية تركز على مفاهيم الحرية
استوحت فكرة الفيلم من الداخل، بعد أن عاشت المخرجة شهد أمين في مدينة جدة وتفتح حبها للقصص من خلال الراوية عن أولئك الذين جاؤوا من بعيد وارتبطوا بالمدن. أرادت أن تروي عن تجربة الناس الذين لم يرحلوا، بل أصبحوا جزءاً من نسيج المكان، حيث تلامس تفاصيل المدن كونية مع تفاصيل حياة السكان. يركز الفيلم على رحلة تقودها ثلاث نساء من أجيال مختلفة، يسعين وراء الإجابة على أسئلة تتعلق بالحرية، وهل تختلف من حيث العمر، التجربة، أو الجغرافيا.
طاقم العمل والإنتاج
شارك في صناعة الفيلم مجموعة من الممثلين من بينهم خيرية نظمي في دور الجدة، ولامار فدان التي تخوض أولى تجاربها السينمائية، إلى جانب نواف الظفيري وبراء عالم. وتم دعم الفيلم من قبل جهات سعودية وعربية وعالمية، منها هيئة الأفلام السعودية، صندوق البحر الأحمر، مبادرة “ضوء”، شركة نيوم، ومؤسسات أخرى من أوروبا والعالم العربي.
العودة إلى مهرجان فينيسيا والتقدير الدولي
تمثل مشاركة “هجرة” في مهرجان فينيسيا استمراراً لعلاقة شهد أمين مع الحدث العالمي، إذ سبق أن عرضت فيلمها “سيدة البحر” في أسبوع النقاد عام 2019 وفازت بجائزة “فيرونا” لأفضل عمل يعكس روح الإبداع. ويعد اختيار هذا الفيلم للاقتراب من منصة عالمية اعترافاً بقوة الرؤية السعودية السينمائية، خاصة عبر أصوات نسائية شابة. وتدور قصة “سيدة البحر” حول فتاة تعيش في قرية خاضعة لتقاليد صارمة، على لسان فتاة صغيرة تسمى حياة، تتناول العمل قضايا تغيير دور المرأة والمجتمع من خلال إطار خيالي مليء بالرمزية والتحدي.
