تُعزز دولة الإمارات مكانتها العالمية كنموذج يُحتذى به في تطوير محطات نووية سلمية، منذ انطلاق برنامجها النووي السلمي الذي يعتمد على ركائز قوية. استطاعت خلال عقد من الزمن أن تصبح مثالًا يُحتذى به للدول الراغبة في دمج الطاقة النووية ضمن مزيج مصادر الطاقة لديها.
اعتمدت شركة الإمارات للطاقة النووية على مبدأ الشفافية في جميع مراحل تطوير محطات براكة للطاقة النووية، وهو ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير سنة 2024، حيث منحت الدولة تصنيف “الشفافية التامة” للعام الثالث على التوالي. يعكس هذا التصنيف حرص الإمارات على الالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحظر الانتشار النووي وتطبيق الضمانات، مع التأكيد على سلمية برنامجها النووي.
استند البرنامج النووي الإماراتي منذ بدايته إلى رؤية القيادة الرشيدة، التي وضعت خارطة طريق واضحة من خلال وثيقة “سياسة دولة الإمارات لتقييم إمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية” الصادرة عام 2008. شملت المبادئ الأساسية فيها الشفافية الكاملة، والتزام أعلى معايير السلامة والأمن، وحظر الانتشار النووي، والتعاون مع الهيئات الدولية، وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتم إصدار قانون الطاقة النووية عام 2009 الذي أكد التزام الدولة بالشفافية والسلامة والأمن النوويين.
خلال مراحل تطوير محطات براكة، حرصت شركة الإمارات للطاقة النووية على توطيد علاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي قامت بأكثر من 15 بعثة مراجعة وتفتيش للمحطات. كما تعاونت مع منظمات دولية مثل المنظمة الدولية لمشغلي المفاعلات، التي أجرت حوالي 84 مراجعة وتقييم لضمان الالتزام بأعلى المعايير العالمية، إلى جانب قيام الهيئة الاتحادية للرقابة النووية بتنفيذ 496 عملية تفتيش ومراجعة شاملة لجميع العمليات والإجراءات في المحطات.
دور القيادة والتعاون الدولي
أكد سعادة محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للطاقة النووية، أن دعم القيادة وتوجيهاتها الواضحة كانا العامل الأهم في تميز مسيرة الشركة وتطوير محطات براكة، مع الالتزام بجميع اللوائح المحلية والدولية. وأوضح أن التعاون مع الجهات الرقابية والمنظمات الدولية يعد عنصرًا أساسيًا لتعزيز السلامة والأمن والتنمية المستدامة، ويمثل ركيزة لتحسين أداء البرامج النووية في كافة الدول، سواء كانت تمتلك برامج نووية كبيرة أو تسعى لإطلاقها جديدًا.
وأشاد الحمادي بالدور المهم للشركاء والجهات الرقابية في الدولة، الذين ساهموا بشكل كبير في تحقيق هذه الإنجازات. وأكد أن هذه النجاحات تمثل حافزًا لمزيد من التميز في قطاع الطاقة النووية، مشيرًا إلى أن محطات براكة ليست إلا بداية، حيث تواصل الشركة استكشاف فرص تطوير تقنيات المفاعلات المتقدمة، ونشرها، بالإضافة إلى استثمار في مشاريع الطاقة النووية داخل الدولة وخارجها، مستفيدةً من الخبرات والإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها.
الالتزام الدولي للدولة الإمارات
انضمت الإمارات إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 1976، ووقعت العديد من الاتفاقيات لتعزيز الشفافية وعدم الانتشار النووي. من بين تلك الاتفاقيات، معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي وقعتها عام 1995، والتي تتضمن ضمانات شاملة للحد من الانتشار النووي والتأكيد على الاستخدام السلمي لتكنولوجيا النووية.
وفي عام 2003، وقع الطرفان البروتوكول الإضافي لاتفاقية الضمانات الشاملة، الذي يُعزز قدرة الوكالة على التحقق من الأنشطة النووية، ويزيد من شفافية استخدام المواد والتكنولوجيا النووية. كما أبرمت الدولة مذكرة تفاهم مع الوكالة حول التعاون التقني، التي تضم مجالات التعاون المختلفة لضمان الاستخدام الآمن والسلمي للطاقة النووية، وتطوير القدرات البشرية والبنية التحتية، مع التركيز على أمن وأمان البرنامج النووي السلمي الإماراتي.