أطلق الفنان المصري حمزة نمرة ألبومه الجديد بعنوان “قرار شخصي”، الذي بدأ في طرحه أمس الأربعاء، حيث قدم ثلاثة أغنيات بشكل أولي، وسيتم إصدار باقي الأغنيات تدريجيًا في الفترة القادمة. وعلى الرغم من أن حجم المحتوى المقدم حتى الآن محدود، إلا أن الألبوم يعكس تجربة فنية وإنسانية عميقة، تبتعد عن السطحية أو السعي وراء الشهرة السريعة.
عنوان الألبوم يعبر عن الحالة الداخلية
لا يمثل “قرار شخصي” مجرد اسم للألبوم، بل هو وصف دقيق لحالة داخلية تتجلى في كل أغنية، حيث تتراوح بين وجع الفقد في أغنية “شمس وهوا”، والطمأنينة والسلام النفسي في “كله على الله”، والحنين والكرامة في “عزيز عيني”.
أغنية “شمس وهوا”: الحنين والسخرية
تميزت بأول إصدار من الألبوم بنبرتها الصادمة، إذ يقدم حمزة نمرة كلمات تعبر عن خذلان داخلي لا يجرؤ صاحبها على البوح به مباشرة، فيتخذ من السخرية درعًا يقيه من الذكريات الصعبة. تظهر الكلمات، التي تتنوع بين العفوية والصدق، حالة شخص يسأل عن علاقته السابقة فيرد على استفهامه بمرارة مكتومة، محاولًا تجاوز الأمر دون قدرة على نسيانه. الموسيقى والإيقاع يعكسون الحالة النفسية دون تصعيد درامي، بل من خلال تكرار لحن يذكرنا بالدوران في الذكريات وعدم القدرة على التحرر منها.
أغنية “كله على الله”: السلام الداخلي والتسليم
تأتي هذه الأغنية بعد مشقة الانكسار، وتحمل فلسفة تسليم النفس والسكينة، إذ لا تروج لفكرة التوكّل بشكل كلامي فقط، بل تتبنّى منطقًا وجوديًا هادئًا مليئًا بالحكمة البسيطة. تقول كلماتها: “ومع فهمك لإنك شيء في كون مخلوق من اللاشيء، بقيت ما تشيلّش جواك شيء”، و”عامل اللي عليك، ما بتفكّرش، وماشي متطمّن”. يوجه الخطاب هنا للذات، ويعبّر عن كيف يمكن للإنسان أن يجد سلامه رغم غموض الحياة، ويُقدم توزيعها وإيقاعها بشكل خفيف، إلا أن معانيها عميقة وتنعكس بنبرة هادئة تشبه الحوار الداخلي الصادق.
أغنية “عزيز عيني”: الحنين والعتاب برقة
تُعدّ هذه الأغنية الأكثر عاطفية بين الثالوث، وتُقدّم برقي وهدوء، دون أن تحتوي على لعنات أو لوم قاسٍ، بل تتحدث عن حزن ناعم وأسئلة داخلية عن سبب غياب شخص مقرب. تقول كلماتها: “قلبي اللي الحبايب عنه غابوا، وف ضعفه طوب الأرض سابه، ليه عزيز عليّه يطوّل عتابه؟” و”يا عزيز عيني، ده زعل هيروح، لو مرّة تناديني، تتصافى الروح”. يظهر فيها التناقض الإنساني بوضوح، حيث الألم من بعد الغياب والرغبة في إصلاح الأمور، لكن بدون أن ينكسر الشخص. الموسيقى تعتمد على جمل طويلة تسمح للصوت بالحكي أكثر من الغناء، وتستخدم توزيعًا ناعمًا من البيانو والوتريات يضفي دفئًا وحنينًا، مع نبرة حمزة المرتجفة التي تضيف لمسة من الدعاء الداخلي.
الأسلوب الصادق والتناغم الفني
يجمع الألبوم بين هذه الأغاني الثلاثة أسلوبًا صادقًا وكلمات بسيطة، مع موسيقى تخدم جو المشاعر ولا تفرض عليها، وصوت حمزة نمرة الذي يعمل كراوٍ لتجربة داخلية، وليس مغنِّي يبحث عن إبهار الجمهور. يبدو الألبوم كأنه رسالة شخصية من فنان يختار بوعي مشاركة وجعه، وتسامحه، وحنينه في قالب بسيط يحمل الكثير من المشاعر، ويعبّر عن قرار فني وشخصي في الوقت نفسه.