رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

فيروز وابنها زياد الرحباني: من “سألوني الناس” إلى “كيفك إنت”… دائماً في النهاية وقت الفراق

شارك

تُظهر العلاقة بين فيروز وزياد الرحباني أنها ليست مجرد علاقة أم بابن، بل هي قصة حب فني تتشكل من الحنان والإبداع والتأثير العميق. فتمثل فيروز صوتًا من نور، وزياد مزج بين الحنين والتمرّد، ليكونا معًا نبضًا واحدًا يترجم عواطفه وحبّه بالفن. رغم توقف نبض الحياة، فإن اللحن الحقيقي لا يموت أبدًا، ويبقى حيًا في قلوب الجميع.

أمٌ لا تتكلم وابنٌ يغني عنها

اختارت فيروز أن تبقى صامتة في العلن، ولم تتحدث عن ابنها زياد الرحباني بخطابات أو تصريحات، لكنها منحته أغلى ما تملك، صوتها. وكأنها تقول للعالم: “ابني هو صوتي، اسمعوه من خلاله”. فهي لم تكن بحاجة للكلام، فصوتها هو التعبير الحقيقي عن حبها، ودرسُها في فن التجاوز والصمت.

الميلاد في ظل الأسطورة

وُلد زياد عام 1956 لأبوين فنيين استثنائيين، فيروز التي وحدت العرب في الحنين، وعاصي الرحباني الذي أعاد صياغة الذوق الموسيقي اللبناني. ترعرع في بيت يعبق بالفن، يعيش بين النوتات والمسرح. ومع ارتباطه المبكر بوالده، بقيت والدته فيروز النافذة الأصدق لعواطفه، وعبر سنوات الانفصال بين والدين، حاول أن يحدد هويته بعيدًا عن التأثيرات الثقيلة، دون أن ينكر أصوله.

شراكة فنية غيرت الأغنية العربية

بدأ زياد اللحام أولى أعماله مع فيروز عندما تعاون معها في أغنية “سألوني الناس” عام 1973، رغم صغر سنه، وأظهر أن هذا التعاون سيكون له تأثير كبير على المشهد الموسيقي العربي. من خلال أغاني مثل “كيفك إنت” و”بالي” و”ولا كيف”، أبدع زياد في تقديم فيروز بشكل أكثر إنسانية، تظهر الوجع والألم والخيانة بصوتها، ففتح بابًا جديدًا لجمهور جديد وجعل صوتها أقرب إليهم كإنسانة تحكي وجعها وصراحتها.

علاقة شخصية معقدة… لكن محكومة بالحب

لم تكن علاقة فيروز وزياد سهلة دائمًا؛ فزياد كان حادًا وصريحًا، وكان ينتقد أحيانًا إرث عائلتيهما، لكنه كان دائمًا يعبر عن حبه لأمه. قال عنها إنها تحمل صوتًا يشبه الصمت الذي يفكر بصوت عال، وأكد أن علاقتهما كانت مبنية على حب موسيقي، رغم التوترات العائلية التي برزت أحيانًا. بقيت الموسيقى هي الرابط الوحيد بينهما، والحقيقة التي لم تتغير.

فيروز لا تتكلم… لكنها غنّت زياد

رغم صمتها، غنّت فيروز من ألحان وكلمات زياد الرحباني أكثر مما غنت أي ملحن آخر. أعطته صوتها، وساهمت كلماتها في تأسيس عصر جديد للأغنية اللبنانية. لم تكن بحاجة للاعتراف بحبه لأبنها، فغناؤها يعبر عن كل مشاعرها، وكانت أغنيات مثل “كيفك إنت”، و”ولا كيف”، و”بالي” شهادات على حبها وتقديرها لزياد.

زياد: صوت الشعب

يؤمن زياد أن فيروز لم تكن فقط ذات صوت نقي، وإنما كانت صادقة في التعبير، وقال في لقاء نادر: “أنا زودت فيروز بكلام عادي، لكنها جعلت الناس يشعرون أنه موجه لهم.” فبصوتها، أصبحت لسان حال الشعب، لا مجرد لحن يرفعه أحد بعيدًا. برحيل زياد، لم تخسر فيروز فقط ابنها، بل فقدت رفيق دربها وصوتًا يعبر عنها، لكن الموسيقى التي عاشا من أجلها ستظل حيّة، كآخر نغمة في أغنية لم تنتهِ.

مقالات ذات صلة