رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

الإمارات تتصدر السباق العالمي في حماية النظم البيئية من خلال مشاريع ذكية

شارك

أكدت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، على أهمية الشراكات الدولية في دعم جهود الحفاظ على أشجار القرم، حيث يبرُز تحالف القرم من أجل المناخ كأحد المبادرات التي يشارك فيها 45 عضواً، والذي يدعم مبادرة “تنمية القرم”. تهدف هذه المبادرة إلى جمع التمويلات العالمية اللازمة لاستعادة أشجار القرم، وتحفيز الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية على اتخاذ إجراءات عاجلة لحمايتها، خاصة وأنها مهددة بالانقراض. كما يُعتبر إنشاء مركز محمد بن زايد – جوكو ويدودو لأبحاث القرم في جزيرة بالي من إنجازات الدعم العلمي لهذه النظم البيئية حول العالم.

وفي تصريح لها، أوضحت أن رحلة الحفاظ على أشجار القرم كانت مليئة بالإنجازات، وأن الالتزام بحماية هذه الثروة الطبيعية مهم، وأن المستقبل يتطلب استدامة هذا الجهد وتحقيق المزيد من المكاسب على الصعيد البيئي والمجتمعي.

دور أشجار القرم في البيئة والمناخ

ولفتت معاليها إلى أن أشجار القرم تشكل درعًا طبيعيًا يحمي السواحل من ارتفاع منسوب مياه البحر وتآكل السواحل، وتراجع تداعيات التغير المناخي، بالإضافة إلى قدرتها الفريدة على التقاط وتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون، حيث يمكنها احتجاز كمية تصل إلى أربعة أضعاف ما تخزنه الغابات الاستوائية. تسهم هذه الأشجار أيضًا في إثراء التنوع البيولوجي، حيث توفر حياة أساسية للأسماك والكائنات البحرية الأخرى عبر توفير الغذاء والمأوى، مما يدعم استمرارية النظام البيئي والحفاظ على التوازن الطبيعي.

وتُعطينا هذه الأهمية البيئية دافعًا أوسع لتطوير وتفعيل المبادرات الوطنية، بالتزامن مع دعم القيادة الحكيمة، لضمان استدامة وإعادة تأهيل هذه المنظومات الخضراء محليًا وعالميًا.

الجهود الوطنية والدولية في حماية القرم

وأشارت إلى أن الجهود الوطنية، بقيادة دولة الإمارات، تسير وفق خطة طموحة لزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030، بهدف دعم الحياد المناخي، وذلك بمشاركة المجتمع بجميع قطاعاتها العامة والخاصة. مع التركيز على الاعتماد على النظم البيئية كحلول طبيعية لمواجهة تغير المناخ، إذ يساهم ذلك في خفض انبعاثات الكربون وتحقيق الأهداف الوطنية والدولية.

وعن التأثيرات الدولية، قالت إن المؤتمر العالمي لحماية الطبيعة (IUCN) المزمع عقده في أبوظبي خلال أكتوبر القادم، سيكون منصة هامة تجمع خبراء وقادة من مختلف الدول، ويهدف إلى تعزيز قدرة البيئة على الصمود، وابتكار سياسات فعالة تركز على حماية التنوع البيولوجي، مع اهتمام خاص بأشجار القرم ذات الأهمية الكبرى. كما أكدت الدراسات إلى أن الحاجة تتطلب استثمار ما يعادل 8 تريليونات دولار لمواجهة فقدان التنوع البيولوجي، مع ضرورة مضاعفة التمويل المخصص للطبيعة أربعة أضعاف بحلول 2050، خاصة في المنطقة العربية، حيث أن نصف غابات القرم معرضة للخطر بسبب الضغوط البشرية المتزايدة.

تجارب الإمارات في استعادة القرم وتطويرها

وتجسد إمارة أبوظبي ريادة عالمية من خلال مبادرات مثل “مبادرة القرم – أبوظبي”، التي تنفذها هيئة البيئة، وتُعد منصة وطنية متكاملة تستهدف استعادة غابات القرم وأنظمة الكربون الأزرق، وتلقى دعم تحالفات دولية كتحالف أشجار القرم، وبرنامج الكربون الأزرق للأمم المتحدة. وفي السنوات الأخيرة، تم تطوير تقنيات متقدمة تعتمد على البيانات من الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي والروبوتات الذكية، مما ساعد على مراقبة ونجاح عمليات الزراعة والتأهيل بشكل أكثر كفاءة. كما أنشأت الهيئة أول دليل وطني لإعادة تأهيل غابات القرم، يعتمد على أسس علمية، لتوجيه عمليات الزراعة والمتابعة بالتنسيق مع المبادرات العالمية مثل “Mangrove Breakthrough”، التي تطمح إلى استعادة 15 مليون هكتار من القرم على مستوى العالم بحلول 2030.

وتُعد تقنية الطائرات المسيرة (الدرون) من المبادرات الابتكارية التي ساهمت في زراعة أكثر من مليون شتلة قرم في مناطق مختلفة، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوقع الأداء، لتقليل التكاليف وتحقيق نتائج أكثر دقة، مع وجود خطط لزيادة المساحات المزروعة وضمان استدامتها، حيث وصلت حملة الزراعة إلى 44 مليون شتلة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، استجابة للتعهد الوطني بزراعة مئة مليون شجرة قرم بحلول 2030، بهدف تخزين أكثر من 100 ألف طن من الكربون سنويًا.

التقنيات الحديثة ومشاريع الابتكار

وصَلت جهود الدولة إلى توسيع قدراتها في الرصد باستخدام الأقمار الصناعية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، مع توظيف الروبوتات والتقنيات المستقلة لتحسين عمليات التأهيل، مما يعكس مكانة أبوظبي كمركز إقليمي وعالمي للابتكار التكنولوجي في مجال الحفاظ على البيئة، ويؤكد على التزامها باستخدام أحدث التقنيات لتقليل التدهور البيئي ومواجهة تحديات التغير المناخي.

وفي سياق الجهود الاجتماعية، تواصل وزارة التغير المناخي والبيئة تنظيم برامج توعوية وتعليمية، تشجع مشاركة المجتمع، خاصة الطلبة، في حملات تطوعية لزراعة الشتلات، وتدريب الكوادر على مراقبة الموائل البحرية، وتوفير أدوات تفاعلية بالمحميات الطبيعية، بهدف ضمان استدامة حماية النظم البيئية وتفعيل دور المجتمع المحلي.

التحديات التمويلية والمبادرات المبتكرة

تواجه جهود حماية القرم تحديات مالية كبيرة، تفرض البحث عن مصادر تمويل متنوعة ومستدامة. ومن بين المبادرات الرائدة، تأتي مبادرة “تنمية القرم”، التي أعلنت عنها خلال مؤتمر COP27، وتستهدف جمع 4 مليارات دولار لتمويل استعادة الغابات الساحلية بحلول 2030، بحيث تكون كل هذه الجهود ترجمة فعلية لسياسات تهدف إلى حماية البيئة، وتقليل مخاطر الكوارث، والحفاظ على التنوع البيولوجي، مع التأكيد على أن قيمة النظم البيئية تتجاوز مجرد الكميات المالية، وتمثل استثمارًا طويل الأمد للمستقبل.

مقالات ذات صلة