تكشف دراسة حديثة أجراها باحثون من المعهد الوطني لبحوث الصحة في جامعة بريستول البريطانية أن حوالي 74,000 طفل يولدون سنويًا مصابون بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي في مختلف أنحاء العالم، ومن بينهم يُقدر أن نحو 23,000 منهم يستمرون في الإصابة حتى بلوغهم سن الخامسة.
أظهرت نتائج الدراسة أن باكستان ونيجيريا تُعدان أكثر الدول تضررًا من هذه الحالات، تليهما الصين وروسيا والهند، حيث تشكل مجتمعة تقريبًا نصف حالات العدوى التي تنتقل من الأم إلى الطفل بشكل عمودي. ويؤكد الباحث الرئيسي، الدكتور آدم تريكي، على أهمية فهم مدى انتشار العدوى وأهمية إجراء المزيد من الاختبارات، لأنها تساعد على الكشف المبكر عن الفيروس ومعالجته، خاصة أن غالبية الأطفال الذين يصابون بالفيروس منذ الولادة يمكن علاجهم بنجاح.
وتعد هذه الإحصائيات مهمة جدًا لصانعي السياسات وواضعي خطط الرعاية الصحية، فهي تكشف عن مصدر رئيسي للإصابات الجديدة بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي، ولم يكن هذا المصدر مدروسًا بشكل كافٍ من قبل. كما أن فترات الحمل تتيح فرصة رائعة لمقدمي الرعاية الصحية لفحص الحالات، والتواصل مع الأشخاص غير المعرَّفين إصابتهم بهدف الكشف المبكر وإحالتهم للعلاج لاحقًا.
الأهمية الصحية والإحصائيات العالمية
تقدر منظمة الصحة العالمية أن هناك نحو 50 مليون شخص حول العالم يعيشون حاليًا بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي، وأن حوالي 240 ألف شخص يلقون حتفهم سنويًا جراء أمراض الكبد المرتبطة بالفيروس، وهو رقم يعكس خطورة المشكلة. ورغم توفر علاجات فعالة جدًا منذ عام 2014، تتطلب عادة دورة علاجية من الحبوب تستمر ثلاثة أشهر وتحقق معدلات نجاح تتجاوز 90%، إلا أن عدم الكشف المبكر يظل من أكبر التحديات.
الانتقال وعوامل الخطر
جمعت الدراسة تقديرات جديدة لعدد النساء الحاملات بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي، ووجدت أن احتمالية انتقال الفيروس إلى الطفل أثناء الحمل تقدر بحوالي 7% لكل ولادة. كما أخذ الباحثون في اعتبارهم نسبة الأطفال المولودين مصابين بشكل طبيعي والذين يتخلصون من الفيروس قبل بلوغهم سن الخامسة، وتشير النتائج إلى أن حوالي الثلثين من هؤلاء الأطفال يتعافون بشكل ذاتي.
التوصيات والإرشادات الصحية
على الرغم من توفر علاجات فعالة، فإن الإرشادات الدولية، خاصة الأمريكية والأوروبية، توصي بفحص جميع النساء الحوامل للكشف عن إصابتهن بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي. ومع ذلك، تبين أن الفحص بين النساء في فترة الحمل يُعد نادرًا في معظم المناطق، الأمر الذي يثير الحاجة إلى تعزيز برامج الفحوص المبكرة لضمان التشخيص المبكر والعلاج المناسب للوقاية من انتقال الفيروس إلى الأطفال.