مشروع تجريبي جديد لعلاج الاكتئاب باستخدام الأنشطة الاجتماعية
يطلق على هذا المشروع التجريبي في جلوسيترشاير، والذي تتولى تنفيذه هيئة الخدمات الصحية الوطنية، حيث يقوم 12 طبيبًا عامًا بإحالة مرضى يعانون من اكتئاب خفيف إلى المتوسط لحضور مباريات فريق فورست غرين روفرز لكرة القدم، كنوع من العلاج بدلاً من الاعتماد الكامل على الأدوية. يهدف هذا النهج إلى استبدال جزء من العلاج الدوائي بنماذج رعاية اجتماعية ومجتمعية تركز على تعزيز الرفاهية عن طريق التفاعل مع الأنشطة الاجتماعية والمنشآت الرياضية والمجتمع بشكل عام.
تشير البيانات إلى أن خلال عامي 2023-2024، تم وصف أكثر من 89 مليون جرعة من مضادات الاكتئاب لنحو 8.7 مليون مريض في المملكة المتحدة، وتكفلت هذه الأدوية بتكاليف عالية على الأفراد بسبب آثارها الجانبية، وأيضا على ميزانية النظام الصحي. لذلك، بات من الضروري استكشاف بدائل علاجية تركز على دعم المجتمع وتقوية الروابط الاجتماعية.
البدائل الاجتماعية كعلاج للاكتئاب
تُعد الوصفات الطبية الاجتماعية نوعًا من العلاج الذي لا يقتصر على الدواء فقط، بل يربط المرضى بالموارد المجتمعية المتاحة مثل الأنشطة الرياضية، الطبيعة، الموسيقى، والفنون، بهدف تحسين الحالة النفسية وتقليل الاعتماد على الأدوية. أظهرت دراسات وتجارب سابقة أن استخدام برامج تركز على الأنشطة الثقافية والاجتماعية أدى إلى تقليل نسبة زيارات الأطباء والطوارئ، وهو ما يعكس فعالية هذا النهج ويجعله خيارًا مهمًا في إدارة الصحة النفسية.
على سبيل المثال، تطلق برامج تجريبية في دول أخرى، مثل الدنمارك، والتي توفر دعمًا للعاطلين عن العمل أو المعاقين نفسيًا لمدة عشرة أسابيع من خلال مشاركتهم في أنشطة ثقافية مثل الفرق الغنائية، نوادي القراءة، ودروس الدراما، مما يساعد على رفع معنوياتهم وتحسين حالتهم الصحية بشكل عام. وقد أظهرت نتائج تلك البرامج أن المشاركين يشعرون بسعادة أكثر ويحسِّنون من حالتهم البدنية والنفسية.
تحديات ومتطلبات تطبيق التجارب الاجتماعية
رغم فوائد هذه الأنواع من البرامج، إلا أن الأمر ليس بسيطًا، فالمشاركة لا تقتصر على الانضمام إلى أنشطة خفيفة مثل المشي أو الطبخ، فهي تتطلب النظر في ظروف الحياة المعاصرة وضغوطاتها، فمع تزايد التحديات الاقتصادية والاجتماعية بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وجائحة كورونا، وتضخم الأسعار، أصبح من الصعب على الكثيرين تحمل تكاليف العلاج أو حتى الانخراط في الأنشطة الاجتماعية، خاصة الشباب غير المطمئنين لمستقبلهم الاقتصادي.
وبذلك، يصبح من الضروري أن يتلقى المرضى دعمًا نفسيًا واجتماعيًا متكاملًا، وأن يُمنحوا فرصًا من نوع خاص، مثل حضور مباريات كرة القدم، حيث يمكن أن يشكل حضور مثل هذه الأحداث لحظة من الفرح والدعم النفسي، خاصة لمن يعاني من العزلة والاكتئاب، والتي ربما لم يكن ليتمكن من تحمل تكاليفها أو حتى الحلم بها لولا توفرها كجزء من الرعاية الاجتماعية.
إدخال مفهوم الوصفات الطبية الاجتماعية يمثل اعترافًا متزايدًا بأهمية تعزيز الصحة النفسية عبر الوسائل المجتمعية، مع التركيز على أن علاج الاكتئاب يحتاج إلى مقاربة شاملة تتعلق بالبيئة، العلاقات الاجتماعية، والنشاطات التي تعزز الشعور بالانتماء والدعم.
