نشعر جميعًا أحيانًا بالقلق، خاصةً في المواقف الصعبة، لكن بعض الأشخاص يواجهون صعوبة في السيطرة على قلقهم الذي يصبح مفرطًا ويستمر لفترة طويلة، ويؤثر على حياتهم اليومية. قد يكون هذا علامة على اضطراب القلق، وهو أمر شائع يؤثر على ملايين الناس حول العالم، وفقًا لموقع مايو كلينك وتايمز ناو.
القلق الوظيفي العالي والاختلاف عن اضطراب القلق العام
القلق الوظيفي العالي هو نوع من اضطراب القلق العام، وغالبًا ما يكون غير مرئي، حيث يظهر الشخص بمظهر هادئ لكنه يعاني من مشاكل داخلية. يحدث عندما يحاول الشخص مواجهة مخاوفه بدلًا من الانسحاب منها، ويبذل مجهودًا كبيرًا للحفاظ على توازنه، ويكون ماهرًا في إخفاء أعراضه، مما يصعب اكتشافه.
لماذا نغفل عن الضغط الصامت للقلق العالي؟
غالبًا، يمر الشخص المصاب بالقلق العالي دون أن يلاحظه الآخرون، لأنه يختفي خلف نجاحاته وإنتاجيته، ما يصعّب تشخيص الحالة مبكرًا. يذهب الكثيرون إلى تقليل أهمية أعراضهم أو إخفائها، لكن المظاهر الخارجية قد تكون لامعة، بينما يعاني الداخل من قلق وتوتر وإرهاق لا ينتهي. يعزز المجتمع أحيانًا السلوكيات المتعلقة بكمال النجاح والإنتاجية المفرطة، ما يجعل الحياة تبدو أنها تسير على هذا النمط، رغم أن الشخص يشعر بعدم الأمان أو الراحة.
أسباب القلق الوظيفي العالي
تتعدد العوامل التي تؤدي إلى ظهور هذه الحالة، منها الضغط المجتمعي لاظهار النجاح، والخوف من الأحكام، والمقارنة المستمرة بالآخرين الذين تظهر عليهم تحديات أكبر، وهو ما يؤدي إلى أفكار لا تهدأ، مع شعور متكرر بالأرق والقلق بشأن الكفاءة. كثيرون يعانون من متلازمة المحتال، التي تجعلهم يشعرون أن لا كفاءة لهم وأنهم على وشك اكتشافهم، مما يخلق تناقضًا حيث يُحفز القلق الأداء العالي، رغم أن ذلك يظهر على أنه نجاح خارجي، لكنه يخفي توترًا داخليًا مستمرًا.
كيفية التعامل مع القلق الوظيفي العالي
إذا لاحظت نمطًا معينًا في نفسك، فابدأ بتحديد محفزاتك الشخصية. هل تشعر بعدم استقرار عندما لا تكون مشغولًا؟ هل تخشى خيبة أمل أو رد فعل سلبي من الآخرين؟ فهم أسباب قلقك يساعد في التعامل معه بفعالية أكبر. داخل ذلك، من المهم فصل قيمك الشخصية عن توقعات المجتمع، وسؤال نفسك عن ما يعبر عنك حقًا، وما يمنحك إحساسًا بالرضا والاستدامة، وليس فقط النجاح الخارجي. تجنب أن تكون قاسيًا على نفسك، فالأخطاء وطلب المساعدة والتراجع ليست علامات على ضعفك، بل على إنسانيتك. حاول أن تحيط نفسك بأشخاص يقدّرونك بما أنت عليه وليس فقط بإنجازاتك.
من المهم أيضًا عدم أن تتجاهل أهمية العناية بالنفس، مثل تناول وجبات منتظمة، والحصول على نوم جيد، وممارسة الرياضة والتنفس العميق. رغم بساطتها، فإن هذه الممارسات تُعزز من مرونتك العاطفية وتنظيم جهازك العصبي، وتوفر أساسًا لتعامل أكثر توازنًا مع الضغوط.








