قام فريق من الباحثين في جامعة نيويورك، وبإذن خاص من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، بإجراء تجربة علاجية فريدة على طفل يبلغ من العمر 8 سنوات يعاني من مرض وراثي نادر يصيب الميتوكوندريا. يسرع تدهور الصحة بشكل ملحوظ خلال شهور قليلة، حيث كان الطفل من قبل يركض ويلعب كرة القدم، لكن مع الوقت بدأ يعاني من تقلصات عضلية غير إرادية تؤثر على كاحليه، ثم فقد قدرته على الركض وممارسة الأنشطة الرياضية، ومع مرور الوقت بدأ يسقط بكثرة حتى نصحه الأخصائيون باستخدام كرسي متحرك.
سبب المرض الوراثي والأعراض المصاحبة
أظهرت التحاليل الجينية أن سبب تدهور الطفل هو وجود نسختين متحورتين من جين يُدعى HPDL. يساعد هذا الجين في إنتاج بروتين يحفز تكوين إنزيم يسمى CoQ10، الضروري لعمل الميتوكوندريا، وهو العضية المسؤولة عن إنتاج طاقة الخلية. نقص هذا البروتين يؤدي إلى مشاكل في إنتاج الطاقة، مما يسبب تلف الدماغ ونوبات صرع، ويصل الأمر في حالات نادرة إلى الشلل. توفي اثنان من إخوته بسبب أشكال أشد من الحالة وظهور مضاعفات أكثر خطورة.
استخدام العلاج التجريبي وتأثيره
بدأ الطفل في ديسمبر 2023 في تناول دواء تجريبي فموي ينتمي إلى نوع من الأدوية التي تستهدف نقص بروتين HPDL. كانت النتائج مذهلة، حيث تطورت حالته بشكل ملحوظ خلال شهر، فتمكن من السير لمسافة كيلومتر في سنترال بارك، ثم نزهة لمدة ستة كيلومترات، وقاد بسرعة دواسات سيارة الكارتينج بنفسه. أصبح أكثر عافية، واستعاد طاقته وتحمله، ولم يظهر العلاج حتى الآن أي أعراض جانبية خطيرة.
الخطة المستقبلية والعلاجات
يجري حالياً استمرار علاج الطفل يوميًا بالدواء الفموي، مع مراقبة الحالة. يطمح الفريق الطبي إلى اختبار هذا العلاج على مرضى يعانون من نقص بروتين HPDL، وكذلك على حالات مرتبطة بنقص إنزيم CoQ10، لمعرفة مدى فعاليته في علاج أمراض الميتوكوندريا بشكل أوسع. تشير الدكتورة كلير ميلر إلى أن الطفل يقول إن الدواء حامض المذاق ويفضل تناوله باردًا، وهو بشكل عام لذيذ. ومع بداية العلاج في ديسمبر، أصبح قادرًا على أداء معظم أنشطته اليومية باستثناء بعض الأنشطة الرياضية.
ما هي الميتوكوندريا وما دورها في الجسم؟
تعتبر الميتوكوندريا عضيات داخل خلايا الجسم، وتعد بمثابة “محطات توليد الطاقة” التي تحول الغذاء إلى جزيئات تثبتها الخلية كمصدر للطاقة. تلعب دورًا هامًا أيضًا في عمليات أيض الدهون والأحماض الأمينية. يمكن أن تتلف الميتوكوندريا بسبب طفرات جينية في الحمض النووي الخاص بها، مما يسبب أمراض تصيب الأعضاء التي تحتاج الكثير من الطاقة، مثل الدماغ والعضلات والكبد والكلى، وتظهر أعراضها بضعف العضلات، ومشاكل في الرؤية والسمع، وتأخر في النمو، وأمراض أخرى.