طريقة جديدة لتوصيل اللقاحات تعتمد على الأنسجة بين الأسنان واللثة
طوّر فريق من الباحثين في جامعة ولاية كارولينا الشمالية أسلوبًا جديدًا لتوصيل اللقاحات عبر الأنسجة الرقيقة التي توجد بين الأسنان واللثة، والمعروفة بالظهارة الوصلية. ويقول الباحثون إن هذا النهج يمكن أن يكون ذا تطبيق واسع، حيث إنه قد ينجح مع لقاحات متعددة، مثل لقاحات كورونا التي تستخدم تقنية mRNA، والتهاب الكبد، والتيتانوس، إلى جانب لقاحات أخرى تعتمد على فيروسات معطلة أو مخففة، مثل لقاح MMR.
تحفيز إنتاج الأجسام المضادة عبر الأسطح المخاطية
اكتشف الباحثون أن الطريقة الجديدة تحفز الجسم على إنتاج الأجسام المضادة في الأسطح المخاطية، التي تبطن تجاويف الجسم مثل الأنف والرئتين، وهي بوابة دخول مسببات الأمراض كفيروسات الإنفلونزا وكورونا. وبمقارنة الحقن، فإن إعطاء اللقاح عبر هذه الأسطح يعزز الاستجابة المناعية على الأسطح المخاطية، مما يضيف خط حماية إضافي قبل وصول الفيروس إلى الدم، خاصة مع دور مادة تسمى “الظهارة الوصلية” التي تتيح للخلايا المناعية إطلاق ردود فعل لمهاجمة البكتيريا والفيروسات بشكل أكثر فاعلية.
تقييم فعالية توصيل اللقاح عبر الظهارة الوصلية
قام الباحثون بوضع اللقاح على خيط تنظيف أسنان غير مغطى، ثم نظف أسنان الفئران باستخدامه، ووجدوا أن تطبيق اللقاح بهذه الطريقة أدى إلى إنتاج استجابة مناعية متفوقة مقارنة بتوصيل اللقاح عبر الأنف أو وضعه تحت اللسان. وأظهرت النتائج أن توصيل اللقاح عبر استخدام خيط تنظيف الأسنان يُنتج استجابة مناعية قوية على مستوى الجسم والأسطح المخاطية، ويُوفر حماية مماثلة لتلك التي توفرها الطرق الأخرى.
أمان توصيل اللقاح عبر الظهارة الوصلية
الرغبة في تجنب الوصول إلى الدماغ عند إعطاء اللقاح عبر الأنف، يُبرز أهمية أن تكون هذه الطريقة آمنة. ووجد الباحثون أن توصيل اللقاح باستخدام الظهارة الوصلية لا يثير مخاوف الأمان المتعلقة بالانتقال إلى الدماغ، وهو أمر مهم للموافقة والتطبيق العملي المستقبلي. تم اختيار تقنية توصيل فعالة باستخدام على الأقل أحد أنواع اللقاحات المتوفرة حاليًا، لضمان فعالية الطريقة مقارنة بالطرق التقليدية.
اختبار التقنية مع أنواع متعددة من اللقاحات
اختبر الباحثون طريقة التوصيل الجديدة مع ثلاث فئات رئيسية من اللقاحات، وهي البروتينات، والفيروسات المعطلة، وmRNA. وأظهرت النتيجة أن التقنية كانت قادرة على إنتاج استجابات مناعية قوية في الدم وعلى الأسطح المخاطية في جميع الحالات الثلاث، مما يؤكد إمكانية استخدامها مع أنواع متعددة من اللقاحات.
تصميم خيط تنظيف أسنان خاص للتطعيم وخطوات الاختبار
ابتكر الفريق خيط تنظيف أسنان بمقبض، كي يكون سهل الاستخدام ويشبه أدوات تنظيف الأسنان التقليدية. وقاموا بتغطيته بصبغة طعام فلورية ليتمكنوا من تتبع توزيع المادة. مع تجربة 27 شخصًا، طلب منهم وضع الخيط في تقاطع الخلايا الظهارية لرصد مدى ترسيب الصبغة، حيث تراكمت حوالي 60% منها في جيوب اللثة، مما يدل على أن هذه الطريقة قد تكون عملية لتوصيل اللقاح عبر الأنسجة الرفيعة بين الأسنان واللثة. كما أن الخيط يملك ميزة من حيث الاستقرار والتخزين، إذ إنه غير بحاجة إلى تبريد، ويمكن استخدامه ذاتيًا ومريحًا، وهو غير مؤلم، ويحتمل أن يكون مقبولًا أكثر من الإبر التقليدية.
آفاق الاستخدام والتحديات المستقبلية
يحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسات قبل اعتماد هذا الأسلوب سريريًا، خاصة على حيوانات أكبر، لضمان السلامة والفعالية. يهدف الباحثون إلى تطوير الجهاز ليكون سهل الاستخدام، وربما يكون متاحًا للاستخدام في المنزل أو عيادات طب الأسنان أو الصيدليات في المستقبل. ومع ذلك، يظل التحدي في عدم فاعلية هذه الطريقة للأطفال الصغار ممن لا يملكون أسنانًا أو الأشخاص المصابين بأمراض لثوية أو التهابات فموية أخرى.
الآثار الجانبية والسلامة
بحسب الباحثين، يتطلب الأمر المزيد من البحث لتأكيد أن الآثار الجانبية ستكون مشابهة لتلك الناتجة عن الحقن التقليدي، والتي من المتوقع أن تكون قليلة. من الضروري أيضًا اختبار التقنية على حيوانات أكبر حجمًا، وتحسين الجهاز ليكون أكثر سهولة في الاستخدام، مع السعي لتوفير وسيلة عملية وآمنة للاستخدام غير الموجه تحت إشراف طبي، مع تقليل المخاطر وتحقيق الاستفادة القصوى من هذا المنهج المبتكر.