رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

مش مجرد غرور.. أنماط اضطراب وهم العظمة وطرق العلاج

شارك

يظهر الغرور أحيانًا كعرض نفسي معقد يخفي وراءه اضطرابًا أعمق يُعرف باسم “وهم العظمة”. ليست مجرد تصرفات سطحية تظهر من التكبر، بل هو حالة تتشكل من اعتقاد راسخ وغير منطقي بأن الشخص يمتلك صفات خارقة أو مكانة عالية رغم عدم وجود أدلة تدعم ذلك.

ما هو وهم العظمة

يشكل وهم العظمة حالة نفسية تتسم باعتقاد الفرد أنه يمتلك قدرات استثنائية أو مكانة لا يشاركه فيها أحد، كاعتقاده أنه يملك قوى خارقة أو رسائل كونية فريدة. غالبًا ما يظهر كجزء من اضطرابات ذهانية مثل الفصام أو اضطراب ثنائي القطب، ويمكن أن يظهر أيضًا مع اضطرابات في الشخصية أو نتيجة تعاطي مواد مخدرة. يعتقد صاحب الوهم بأنه شخص فريد من نوعه فوق الجميع، ويتصرف بناءً على هذه القناعة بشكل يختلف عن التصرفات الطبيعية.

أنماط وهم العظمة

تتعدد أنماط وهم العظمة بشكل كبير. فبعض الأشخاص يعتقدون أنهم يمتلكون قدرات خاصة، مثل الرؤية المستقبلية أو الشفاء الروحي. آخرون يعتقدون أنهم شخصيات تاريخية عائدة أو أصحاب نفوذ عالمي خفي. يُصور البعض أنفسهم كمنقذين للبشرية أو مختارين من قوى عليا، فيما يتخيل آخرون أنهم لا يُهزمون جسديًا ولا يمسهم ضرر في أي ظرف من الظروف.

الأعراض التي تظهر على من يعانون من وهم العظمة

يُظهر الأشخاص الذين يعانون من وهم العظمة سلوكيات خارجة عن الطبيعي، منها تمسك غير قابل للنقاش بمعتقداتهم، وتجاهل الأدلة التي تناقض أفكارهم بشدة، وميول قوية للسيطرة على الآخرين. غالبًا ما يعبرون عن مشاعر مبالغ فيها حول قوتهم، ويقاطعون تلقي المساعدة، ويواجهون صعوبة في إقامة علاقات صحية ومتوازنة بسبب اعتقاداتهم الذاتية المتضخمة.

متى يبدأ هذا الخلل وأسبابه

لا يوجد سبب واحد محدد وراء ظهور اضطراب وهم العظمة، لكنه غالبًا ما يرتبط بعوامل متعددة. من هذه العوامل وجود تاريخ عائلي يعاني من اضطرابات عقلية، أو خلل في كيمياء الدماغ خاصة في إفراز مادة الدوبامين، أو تعرض الشخص لصدمات نفسية قوية أو إهمال عاطفي في حياته. كما يمكن أن يكون نتيجة إصابات دماغية أو تأثيرات دوائية، وارتباطًا باضطرابات شخصية، خاصة النرجسية.

طرق التشخيص والعلاج

يتم تشخيص وهم العظمة عبر مقابلات نفسية وتحليل أنماط التفكير والسلوك، ويعتمد العلاج على استخدام أدوية مضادة للذهان لتعديل الاستجابات العقلية، إلى جانب جلسات علاج معرفي سلوكي لمساعدة المريض على إعادة تقييم معتقاداته. في الحالات المتقدمة، قد يحتاج المريض للعلاج تحت إشراف طبي مباشر، مع أهمية أن يكون العلاج تدريجيًا ومبنيًا على بناء ثقة حقيقية مع المريض.

الوقاية والتقليل من آثار الحالة

لا يمكن دائمًا منع الإصابة بشكل كامل، لكن الكشف المبكر والتدخل المستمر يساهمان في تقليل خطورة تطور الأعراض. ويعتبر الدعم من الأسرة وبيئة عاطفية مستقرة عوامل مهمة في الحد من تفاقم الوهم، إذ يُساعد ذلك على تعزيز التوازن الداخلي والواقعية في النظرة إلى الذات.

الخلاصة

وهم العظمة ليس مجرد تصرف غير طبيعي يتسم بالغرور أو الثقة الزائدة، بل هو خلل نفسي يحتاج إلى فهم دقيق وتدخل مهني متخصص. إن تقدير الذات الحقيقي ينبع من توازن داخلي ورؤية واقعية للذات، وليس من أوهام حول القدرات أو المكانة غير الواقعية.

مقالات ذات صلة