تواجه التربة في إمارة أبوظبي مشكلة الملوحة نتيجة لعوامل طبيعية وأنشطة بشرية، حيث يتأثر مستوى الملوحة بمعدلات التبخر المرتفعة، التي تتجاوز ال 100 ملم من الأمطار سنويًا.
يساعد ارتفاع معدل التبخر وقلة الأمطار على تراكم الأملاح في التربة، ويتوقع أن تزيد التغيرات المناخية من حدة هذه المشكلة، مما يؤدي إلى زيادة مستويات الملوحة بشكل أكبر.
تساهم بعض الممارسات الزراعية، مثل استخدام المياه الجوفية المالحة في الري واعتماد أنظمة ري تقليدية كالغمر خاصة في منطقة الظفرة، في زيادة تملح التربة.
تشير البيانات الحديثة من برنامج مراقبة جودة التربة في أبوظبي إلى وجود تفاوت واضح في ملوحة التربة بين المناطق، حيث أن حوالي 60% من العينات السطحية في المناطق الزراعية كمنطقة الظفرة تُصنف ضمن مستويات الملوحة المرتفعة جداً.
على الرغم من التحديات، لعبت هيئة البيئة في أبوظبي دورًا هامًا في استخدام التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة لتقليل أضرار تملح التربة، فطورت مشروع مراقبة التربة باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة.
أنهت الهيئة المرحلة التجريبية للمشروع، وبدأت في تطبيقه بشكل كامل بنهاية عام 2023، بهدف مراقبة جودة التربة في الإمارة، ومع نجاحه، يمكن توسيع استخدامه ليشمل مراقبة البيئة البحرية وجودة الهواء والمياه.
ساهمت برامج الهيئة في تحديد 664 موقعًا عبر أبوظبي، وجمعت وأجرت تحاليل لأكثر من 1376 عينة من التربة سنويًا، مع وجود أكثر من 72 ألف سجل في قاعدة بيانات خاصة بالتربة، و36 خريطة موضعية، وفحص 35 عنصراً ملوثًا، بهدف فهم تأثير الأنشطة البشرية على جودة التربة، وتحليل المناطق التي تحتاج إلى عناية أو معالجات خاصة.
الأهداف والاستراتيجيات
يسعى المشروع إلى دعم استراتيجيات الهيئة لضمان حماية الأراضي والتربة بشكل مستدام، وتقييم تأثير النشاط البشري، وتوفير أساسات لخطط وإجراءات مستقبلية، بما يشمل وضع السياسات واللوائح المتعلقة بالتربة.
تتمثل مهمة رسم خرائط تلوث التربة في تحديد المناطق التي تتطلب المعالجة أو الحفاظ عليها، بهدف تحقيق بيئة مستدامة ومتوازنة.
استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد
تؤكد الهيئة أن التصوير بواسطة الأقمار الصناعية يتيح رصد مساحات واسعة بشكل فعال، حيث تقوم أجهزة الاستشعار الفضائية بجمع بيانات عن حالة السلامة والصحة للتربة، مما يسهل استهداف المناطق التي تحتاج للدراسة باستخدام الطائرات بدون طيار.
تلتقط الطائرات بدون طيار البيانات عبر التصوير الطيفي الفائق، وتطير فوق المناطق المحددة بعدة ارتفاعات للتحقق من البيانات المجمعة، مع الاعتماد على نقاط استراتيجية لجمع عينات التربة في الموقع. كما يتم معايرة بيانات الاستشعار عن بعد بمقارنة النتائج مع عينات التربة الميدانية.
طورت الهيئة الطائرات من دون طيار خصيصًا لهذا المشروع، وتتميز بقدرتها على حمل معدات وزنها حتى 20 كيلوغرامًا، وتستخدم لالتقاط صور عالية الجودة وتسجيل بيانات دقيقة، مما ساهم في حفظ أكثر من 120 ألف سجل جغرافي و7 آلاف عينة من التربة خلال السنوات العشر الماضية، بالإضافة إلى مشاركة 679 عينة مع الباحثين.