توصلت الدراسات الحديثة إلى أن النوم يؤدي دورًا مهمًا في صحتنا، حيث أظهرت مراجعة لـ79 دراسة متابعة للأفراد لمدة لا تقل عن عام أن النقص في النوم يقلل من جودة الصحة، إذ أن الأشخاص الذين ينامون أقل من سبع ساعات معرضون للوفاة بنسبة 14% أكثر من أولئك الذين ينامون بين سبع إلى ثماني ساعات، وهو ما يتوافق مع الأدلة على أن قلة النوم ترتبط بتدهور الحالة الصحية.
وكشفت الدراسات أيضًا أن النوم المفرط، أي أكثر من تسع ساعات يوميًا، يزيد من خطر الوفاة بنسبة تصل إلى 34% مقارنة بالمدة الموصى بها، والتي تتراوح بين 7 و8 ساعات، وتكرر هذا النمط في نتائج أبحاث أخرى لمدى تصل إلى 30 عامًا، حيث أظهرت زيادة قدرها 14% في خطر الوفاة مع النوم لساعات طويلة.
كما أظهرت أبحاث مرتبطة أن النوم الطويل يتصل بمشكلات صحية متنوعة، منها الاكتئاب والألم المزمن وزيادة الوزن، إضافة إلى اضطرابات التمثيل الغذائي، رغم أن هذه الدراسات توضح وجود علاقة ارتباط بين النوم المفرط والمشاكل الصحية، ولا تؤكد وجود علاقة سببية مباشرة.
كيف يمكن أن يكون النوم الكثير ضارًا لصحتك
يزيد النوم المفرط من خطر الإصابة بأمراض القلب، حيث ترتبط فترات النوم الطويلة بزيادة احتمالات ارتفاع ضغط الدم وسرعة ضربات القلب، وهو ما يعرض الأوعية الدموية والنوبات القلبية والسكتات للخطر، وذلك نتيجة للتغيرات في ضغط الدم والنبض التي تطرأ مع النوم المفرط.
ويُعتبر النوم المفرط أيضًا عاملًا محتملًا في الإصابة بالاكتئاب، حيث يعاني الأشخاص الذين ينامون أكثر من الطبيعي من انخفاض مستويات النشاط والدافع، ويشعرون بالحزن وقلة القيمة، وتؤدي أنماط النوم غير المنتظمة المصاحبة للنوم الطويل لاضطرابات في الساعة البيولوجية والتوازن الهرموني، مما يزيد من أعراض الاكتئاب مع مرور الوقت.
ويُسهم النوم الطويل في زيادة الوزن والسمنة، إذ يُفضي إلى أسلوب حياة خامل وقلة النشاط البدني، كما أن فترات النوم المفرطة قد تعطل عملية الأيض والهرمونات المنظمة للجوع مثل اللبتين والجريلين، مما يؤدي إلى زيادة غير مقصودة في الوزن.
ويؤدي النوم المفرط إلى تفاقم الألم المزمن، خاصة آلام الظهر والتهاب المفاصل، حيث أن البقاء في السرير فترة طويلة يسبب تصلب المفاصل وإجهاد العضلات، ويُعزز الالتهاب جاياً استخدام مستويات البروتين التفاعلي-سي كمؤشر على وجود التهاب في الجسم.
ويُضعف النوم المفرط وظائف المخ، إذ يتعرض الأشخاص الذين ينامون أكثر من اللازم لمشكلات في الذاكرة والتركيز، ويصعب عليهم اتخاذ القرارات، مما يقلل من الإنتاجية ويسبب صعوبة في التعلم ويؤثر على صفاء الذهن العام.
ويُحتمل أن يكون النوم المطول مرتبطًا بتدهور القدرة المعرفية وكبار السن، حيث تشير الدراسات إلى أن النوم الطويل قد يزيد من احتمالية الإصابة بالخرف ومرض الزهايمر، رغم الحاجة للمزيد من البحث لفهم الرابط بشكل أدق.
نصائح للحفاظ على توازن النوم
بالرغم من أهمية النوم للصحة، فإن التوازن هو الأساس. يحتاج معظم البالغين إلى مدة تتراوح بين 7 و9 ساعات من النوم المنتظم، حيث أن التزام بهذا الحد يجعل الجسم والعقل في حالة جيدة، ويمنع المشاكل الصحية المرتبطة بالنوم المفرط أو قلة النوم.