أظهر تقرير التكيف مع التغير المناخي في أبوظبي أن إجمالي المياه الجوفية التي تم استخراجها خلال عام 2024 بلغ حوالي 1830 مليون متر مكعب، مما يعكس ضغطًا شديدًا على هذا المورد الحيوي.
دور المياه الجوفية وأهميتها في أبوظبي
على الرغم من أن المياه الجوفية ليست المصدر الرئيسي لمياه الشرب في أبوظبي، إلا أنها تلعب دورًا هامًا في دعم الأنشطة الزراعية والبيئية، حيث تُستخدم بكميات كبيرة في ري الزراعات وتزيين الحدائق وزراعة النباتات الزينة. هذا الاعتماد الكبير جعل المياه الجوفية المورد الأساسي لتلك القطاعات، لكنه في الوقت ذاته مورد محدود، ما يجعل استنزافه يتجاوز معدلات تجددها الطبيعي، الأمر الذي يهدد الاستدامة البيئية والاقتصادية في الإمارة.
اعتماد عالية وواقع هش
تُغطي المياه الجوفية حوالي 71% من حاجات المياه في أبوظبي، وهو رقم مرتفع يدل على الاعتماد الكبير عليها، لكنه يعكس أيضًا هشاشة الوضع المائي. فالدراسات تشير إلى انخفاض مستمر في معدلات التجدد الطبيعي نتيجة لقلة الأمطار وانعدامها أحيانًا، بالإضافة إلى الضغوط الناتجة عن التوسع في الزراعة والصناعة، ما أدى إلى استنزاف المياه بشكل سريع ومتزايد.
تدهور نوعية المياه الجوفية وأثر التلوث
لم تقتصر مشكلة استنزاف المياه على الكميات فقط، بل أدت أيضًا إلى تدهور نوعيتها، حيث زادت معدلات الملوحة خاصة في المناطق الساحلية، نتيجة السحب العميق من المكامن أو تسرب مياه البحر. وتُقدّر نسبة المياه ذات الملوحة الشديدة أو المتوسطة بنحو 97% من احتياطيات المياه الجوفية، وهي غير صالحة للاستخدامات العامة دون عمليات تحلية، في حين تقتصر المياه العذبة على نسبة 3% فقط.
الضغوط المفرطة على المياه الجوفية
يبلغ معدل ضخ المياه في عام 2023 نحو 1870 مليون متر مكعب، أي ما يعادل حوالي 20 ضعف معدل تجدد المياه الطبيعي. وهذا الفارق الكبير يوضح حجم الأزمة التي تهدد مخزونات المياه على المدى البعيد، حيث شهدت بعض المناطق بالفعل تدهورًا في المخزون الطبيعي، وتراجع مستويات المياه، ما أدى إلى تراجع المناطق المستنفدة من مخزونها المائي.
تداعيات على البيئة والاقتصاد
تؤثر مشكلة استنزاف المياه الجوفية على الجوانب البيئية والاقتصادية بشكل مباشر، إذ يزيد استهلاك المياه المالحة أو الملوثة من التحديات في الإنتاج الغذائي، كما أن الاعتماد على عمليات التحلية يتطلب كميات أكبر من الطاقة، مما يرفع من تكاليف المياه ويزيد الأعباء على الموارد، ويمس صحة الإنسان وسبل العيش الاقتصادية بشكل غير مباشر.
الاستراتيجيات المستقبلية لمواجهة الأزمة
مع تراجع كميات الأمطار التي تتراوح بين 90 و140 مليون متر مكعب سنويًا، تعتمد خطة أبوظبي على تبني مقاربات متكاملة لإدارة الموارد المائية، تشمل ترشيد الاستخدام، وإعادة التدوير، وتوسيع استخدام التكنولوجيا الحديثة للمساعدة في تقليل الاعتماد على المصادر غير المستدامة، والعمل على الحفاظ على المخزون المائي للأجيال القادمة.