رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

استئصال الثدي لتجنب السرطان على طريقة أنجلينا جولى يواصل إثارة الجدل في المجال الطبي

شارك

يتوقع الأطباء أن حوالي 20 ألف امرأة سنويًا قد يحتجن إلى إزالة الثدي السليم لمنع تطور سرطان الثدي، بما في ذلك بعض النساء في الثلاثينيات من العمر. تعتبر هذه الخطوة خيارًا صعبًا، حيث يواجههن الاختيار بين احتمال الإصابة بالمرض أو الخضوع لعملية جراحية تبدو قاسية وتترك آثارًا دائمة، وأحيانًا مشوهة. يُعرف هذا الإجراء باسم استئصال الثدي، ويُنصح به غالبًا للنساء اللواتي يواجهن خطراً كبيرًا إذ يكون ناتجًا عن عوامل وراثية، مثل امتلاك طفرات في جينات BRCA1 أو BRCA2، والتي ترفع نسبة الإصابة بالسرطان حتى 80% في بعض الحالات.

الخيارات والقرارات المتعلقة باستئصال الثدي

يُواجه النساء اللواتي يحملن الطفرات الجينية خيارات صعبة، إذ يتوجب عليهن الاختيار بين متابعة المراقبة والانتظار أو الخضوع لعملية استئصال الثدي لتقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تصل إلى 95%. يعترف بعض الخبراء بأن القرار يظل معقدًا، خاصة وأن العملية قد تترك ندوب دائمة مع مخاطر محتملة للمضاعفات، مثل العدوى والألم المزمن، بالإضافة إلى الأثر النفسي على الثقة بالنفس والقدرة على الرضاعة الطبيعية، وهو ما يكون مهمًا للشابات الراغبات في الأمومة. ومع ذلك، فإن عدد النساء اللاتي يختارن الخضوع للجراحة لا يتجاوز 2000 امرأة سنويًا في المملكة المتحدة، رغم ارتفاع الوعي بأهمية الكشف المبكر وضرورة اتخاذ إجراءات وقائية.

الدور والنقاش حول التوصيات الطبية

يدعو بعض الأطباء إلى توسيع نطاق عمليات استئصال الثدي لتشمل حوالي 20 ألف امرأة سنويًا، خصوصًا أن الدراسات تشير إلى إمكانية تقليل حالات الإصابة الجديدة بسرطان الثدي بشكل كبير، حيث يمكن أن تمنع هذه العمليات حوالي 6500 حالة كل عام إذا تم رفع عتبة الخطر التي تستدعي الجراحة إلى 35%. لكن هذه التوصية تواجه انتقادات من خبراء يراعون المخاطر والآثار الجانبية المحتملة، مثل المضاعفات التي قد تستدعي علاجًا طويل الأمد، مؤكدين أن النساء يجب أن يتمكن من معرفة حالتهن الصحية بشكل دقيق ليتمكن من اتخاذ قرار مدروس.

المخاطر والجينات المرتبطة بسرطان الثدي

بعيدًا عن جينات BRCA، أظهرت أبحاث حديثة وجود طفرات أخرى تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي، مثل CHEK2 وATM، التي تنتقل عبر الأجيال، وأقل شيوعًا RAD51C وRAD51D. ويُقدر أن حوالي 8000 امرأة في المملكة المتحدة تحملان واحدة من هذه الطفرات، وغالبًا ما لا يعينهنّ التقييم المبكر بذلك، مما يصعب تحديد العدد الحقيقي للنساء المعرضات للخطر. تترافق بعض العوامل الأخرى مثل السمنة وشرب الكحول مع زيادة احتمالية الإصابة، مع أن الطفرات الأقل شهرة لا ترتبط بشكل كبير بالمرض إلا عند وجود عوامل خطر أخرى.

الفحوصات والإجراءات الوقائية

توصي الجمعيات الخيرية، مثل “سرطان الثدي الآن”، النساء المعرضات للخطر بالقيام بفحوصات جينية وتحليل الحالات العائلية، لكن تجدر الإشارة إلى أن استئصال الثدي لا يُعرض كإجراء وقائي أولي إلا بعد تقييم المخاطر، وأن غالبية النساء يختارن المراقبة والمتابعة، ويبقى القرار شخصيًا ويخضع لأخذ التوازن بين الفوائد والمخاطر في الاعتبار.

إجراءات الجراحة والتطورات الحديثة

يتم اللجوء إلى استئصال الثدي تحت التخدير العام، وتستغرق العملية حوالي ساعتين، مع إمكانية الاحتفاظ بالجلد والحلمة أحيانًا، وإعادة بناء الثدي باستخدام غرسات وتقنيات جراحية حديثة. يُقدم هذا العلاج مجانًا عبر الخدمة الصحية الوطنية، ويُشجع على متابعة الفحوصات السنوية واستخدام الأدوية الوقائية، مثل تاموكسيفين وأناستروزول، لتخفيض خطر الإصابة ثانية. ينخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تصل إلى 95% بعد الجراحة، مما يجعلها خيارًا فعالًا، ومع ذلك يمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية، ويظل قرارها قرارًا شخصيًا متروكًا لكل امرأة.

الطفرات غير الشهيرة وتأثيرها على الخطر

كشفت الدراسات عن وجود طفرات جينية أخرى، مثل CHEK2 وATM، التي تقل احتمالية أن تكتشف النساء إصابتهنّ بها إلا إذا خضعن لفحوصات جينية بعد تشخيص قريب مريض. ويُقدر أن حوالي 400 ألف امرأة في بريطانيا يحملن إحداها، ومع وجود عوامل أخرى كالشيخوخة والسمنة، يرتفع الخطر بشكل طفيف. وهنا تظهر الحاجة إلى التوعية وإجراء الاختبارات الجينية بشكل أوسع للرصد المبكر وتقديم الخيارات الوقائية المناسبة.

الختام والتوصيات

يشدد الخبراء على أهمية فهم عملية استئصال الثدي بشكل دقيق، وتقييم المخاطر والفوائد، واختيار القرار الأنسب لكل امرأة، سواء كان بالمراقبة أو الجراحة، مع مراعاة الأثر النفسي والجسدي. كما يوصى باستشارة الطبيب المختص وإجراء الفحوصات الجينية عند الحاجة، وعدم الاعتماد فقط على الطفرات الشائعة، لضمان اتخاذ قرار مسؤول يحمي الصحة ويحقق الأمان النفسي.

مقالات ذات صلة