استئصال الثدي كخيار للوقاية من سرطان الثدي
يعاني حوالي 20 ألف امرأة سنويًا من الحاجة إلى استئصال الثديين الأصحاء لتقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، وهو قرار يتطلب الكثير من الشجاعة، وما زالت النساء القليلات فقط يضطررن لاتخاذه حتى الآن. وتواجه النساء خيارًا صعبًا بين مواجهة احتمال إصابتهن بالمرض أو الخضوع لعملية جراحية تعتبرها بعض الخبراء قديمة وتقليدية وتترك أثرًا مشوهًا على المرأة.
تُعرف العملية باسم استئصال الثدي، وتُقدم عادة للنساء المعرضات لخطر كبير جدًا بسبب عوامل وراثية، خاصة إذا كانت لديهم طفرات في جينات مثل BRCA1 أو BRCA2، والتي تزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تصل إلى 80%. ويثير قرار الممثلة أنجلينا جولى، التي خضعت لاستئصال الثدي بعد اكتشاف أنها تحمل طفرة BRCA1، اهتمامًا واسعًا، خاصة بعد أن أصبحت عملية وقائية تقلل من المخاطر بشكل كبير.
تأثير جولي والوعي بالوقاية
خضوع أنجلينا جولى لهذه العملية، بعد أن اكتشفت إصابتها بطفرة جينية، أدى إلى زيادة كبيرة في وعي النساء بأهمية الفحوصات الجينية وخيارات الوقاية، وارتفع عدد النساء اللواتي يتطلعن لإجراء الاختبارات من أجل معرفة مدى خطر إصابتهن. ويُطلق على هذا الارتفاع اسم “تأثير جولي”، ولكن يستخدم الكثير من النساء في المملكة المتحدة خيارات المراقبة بدلًا من الخضوع للجراحة، رغم أن البعض يطالب بتوسيع نطاق عمليات استئصال الثدي لحماية عدد أكبر من النساء.
الدراسة والخطوات الوقائية الممكنة
اقترحت دراسة حديثة أن النساء فوق الثلاثين واللواتي يُعتقد أن احتمالية إصابتهن بسرطان الثدي تصل إلى 35% يمكن أن يُعرضْ عليهن خيار استئصال الثدي كإجراء وقائي، مما قد يمنع حالات جديدة تصل إلى 6500 حالة سنويًا. ومع ذلك، تنتقد بعض الآراء الطبية هذه الدراسة، مؤكدين أن استئصال الثدي يحمل مضاعفات، من بينها آثار تجميلية دائمة ومضاعفات صحية ومنها العدوى والألم المزمن، وعدم استبعاد أن المرأة قد تظل غير مصابة بسرطان الثدي رغم قرارها بالعملية.
العملية ومخاطرها
تُجرى عملية استئصال الثدي تحت التخدير العام، وتبقى ندوبها مدى الحياة، وتُستخدم تقنيات حديثة تمكن من حفظ الجلد والحلمة، مع إمكانية إعادة بناء الثدي باستخدام الغرسات والتقنيات المختلفة. تُعرض هذه الخيارات على النساء مجانًا من خلال هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وتُعد أحد التدابير الوقائية التي تقلل من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي بشكل كبير، خاصة للنساء اللاتي يحملن طفرات جينات مثل BRCA1، BRCA2، أو طفرة PALB2، والتي ترفع خطر الإصابة بنسبة تصل إلى 58%.
الفحوصات والتشخيص الجيني
تُجرى فحوصات سنوية للمصابات بهذه الطفرات لمراقبة العلامات المبكرة للسرطان، بالإضافة إلى تناول أدوية وقائية مثل أناستروزول وتاموكسيفين التي تقلل من المخاطر بنسبة تصل إلى 50%. وتوضح الدراسات أن استئصال الثدي يقلل من احتمالية الإصابة بنسبة تصل إلى 95%، إلا أن اتخاذ المرأة لهذا القرار يظل قرارًا شخصيًا، حيث غالبًا ما ترتبط بمشاعر فقدان الثدي والثقة بالنفس، فضلاً عن تأثيرها على القدرة على الرضاعة.
كما ظهرت أبحاث حديثة عن جينات أخرى، مثل CHEK2 و ATM، التي تدفع عددًا كبيرًا من النساء إلى عدم معرفة مخاطرها، وغالبية هؤلاء لا يعرفون عن هذه الطفرات إلا بعد ظهور أحد أفراد الأسرة مصابًا بالسرطان. وتقدر التقديرات أن حوالي 400 ألف امرأة في بريطانيا قد يحملن هذه الطفرات، ويزداد الخطر عند إضافة عوامل أخرى مثل السمنة والكحول والتقدم في العمر.
الأولويات والنقاشات الطبية
تشير جمعيات مثل “سرطان الثدي الآن” إلى أهمية استشارة الطبيب لتحليل الوراثة، لكن من المهم أن يتم توضيح أنه لا يُنصح عادةً باستئصال الثدي إلا بعد تقييم دقيق للمخاطر. وتوصلت دراسة حديثة إلى أن تقليل عتبة الخطر إلى 35% يمكن أن يمنع حوالي 6500 حالة في السنة، رغم أن الكثير من النساء يبالغن في تقدير مخاطرهن بسبب الخوف، ويظل الكثير منهن غير راغبات في الخضوع للعملية.
قصة وتجارب نسائية
يسرد بعض النساء تجاربهن، مثل جريس بيرتون، التي قررت تأجيل العملية بعد اكتشاف طفرتها، إلى أن توقفت عن الانتظار عندما شعرت بالخطر الداهم. أما أنجلينا جولى، فكانت من أوائل المشاهير اللاتي كشفن عن خضوعهن لتحليل جيني، وأعلنت أنها خضعّت لعملية استئصال ثديين بعد أن ظهرت نتائج الفحوصات إيجابية لطفرتها الجينية، وهو ما أدى إلى جعل الكثيرات يتخذن نفس القرار، خاصة بعد أن رفعت مستوى الوعي حول أهمية الفحوصات والجراحات الوقائية.