أصدرت مؤسسة القمة العالمية للحكومات تقريرًا بعنوان «الكفاءة الكاملة»، يسلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه الحكومات في ظل التطورات التكنولوجية السريعة، وتوقعات المجتمع المتزايدة، والضغوط المالية المتصاعدة. يهدف التقرير إلى تقديم نموذج تحولي لتحسين ودوام كفاءة القطاع الحكومي.
ويعد تقرير الكفاءة الكاملة، الذي تم بالتعاون مع شركة «إف تي آي» للاستشارات، خارطة طريق عملية لرفع جودة الأداء الحكومي، ويقوم على ثلاثة محاور استراتيجية رئيسية تركز على تسريع حوكمة مرنة من خلال إلغاء الأطر التنظيمية الصارمة، وإعادة تصميم العمليات الحكومية بشكل جذري، وتبني نماذج تمويل تعتمد على تحقيق القيمة. يعتمد التقرير على بحوث ودراسات حالة لحكومات عالمية ناجحة، إلى جانب تحليل خبراء مختصين في التحول الحكومي.
وأشار التقرير إلى أن تعزيز كفاءة القطاع الحكومي ضروري لدعم نمو الاقتصادات الوطنية، مع العلم أن الإنفاق الحكومي يمثل متوسطًا حوالي 32 % من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم. كما سجلت الحكومات تحولًا متسارعًا إلى نماذج تنظيمية أكثر مرونة تركز على النتائج، باستخدام أدوات مثل التنظيم المبني على المبادئ، ومختبرات السياسات، والمناطق التجريبية، التي أثبتت فعاليتها في تسريع الابتكار وتطوير السياسات، خاصة في دول مثل المملكة المتحدة والدنمارك.
وتبرز التقنيات الحديثة، خاصة الذكاء الاصطناعي، كوسيلة مهمة لتحديث العمليات الحكومية وتسريعها، حيث تشير البيانات إلى أن نحو 84 % من المعاملات الخدمية المتكررة في أكثر من 200 وظيفة حكومية قابلة للأتمتة، مما يرفع كفاءة الأداء ويقلل الاعتماد على الموارد البشرية، ويوجهها لمهام استراتيجية ذات قيمة أعلى. وقدم التقرير أمثلة عملية من الإمارات والدنمارك حول كيف ساهمت التقنيات في تقليل الأعباء الإدارية وتوفير التكاليف مع تحسين تجربة المتعاملين.
تصريحات وأفكار رئيسية
أكدت ريم بجاش، نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن تقرير «الكفاءة الكاملة» هو دعوة للحكومات لإعادة تصميم نظمها الإدارية والمالية بما يتوافق مع متطلبات العصر والتحديات المستقبلية. وقالت إن الكفاءة أصبحت ضرورة حتمية لتمكين الحكومات من تحقيق تأثير مستدام وملموس على حياة الناس، مع دعم صناع القرار بالأطر والأدوات اللازمة لبناء نماذج حكومية أكثر ابتكارًا ومرونة.
أما أنطوان نصر، المدير الإداري الأول ورئيس شركة «إف تي آي» للاستشارات في الشرق الأوسط، فقال إن الحكومات حول العالم تواجه تحديات متزايدة، وتُطلب منها تحقيق مزيد من الإنجازات باستخدام موارد أقل وبوتيرة أسرع. وأوضح أن تقرير «الكفاءة الكاملة» يبرز كيف أصبحت إنتاجية القطاع الحكومي عنصرًا حاسمًا لدعم الصمود الاقتصادي والتنافسية الوطنية.
وفيما يتعلق بنتائج البيانات، أوضح التقرير وجود تفاوت ملحوظ في رضا المجتمع عن خدمات الحكومة، حيث بلغت نسبته حوالي 70 % في قطاعات التعليم والصحة والعدالة، مقابل 60 % فقط في الخدمات الإدارية. ويؤكد ذلك على الحاجة لتطوير نماذج خدمية تعتمد على المواطن، وتدمج الحلول الرقمية والابتكار في تصميم الخدمات الحكومية.
وأكد التقرير أن أدوات التمويل المبتكر، مثل سندات الأثر الاجتماعي، والبلوك تشين، والسندات الخضراء، أصبحت تلعب دورًا متزايدًا في دعم التمويل المستدام والشفاف، حيث تعزز مرونة وفعالية تقديم الخدمات العامة. وشدد على أن الكفاءة ليست خيارًا فقط، بل قاعدة استراتيجية لضمان مرونة المؤسسات الحكومية واستجابتها لاحتياجات المجتمع بشكل فعال.