تواجه 13 دولة عربية من ندرة مائية حادة، حيث يبلغ نصيب الفرد من المياه العذبة في بعضها لا يتجاوز 800 متر مكعب سنويًا، وهو المستوى الذي يهدد استدامة الحياة والتنمية فيها.
مخاطر ندرة المياه عالمياً وعربياً
كشف تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن ثلاثة أرباع سكان العالم يعانون من نقص شديد في المياه لمدة شهر واحد على الأقل في كل عام، مع توقعات بأن يصل عدد الأشخاص الذين يواجهون خطر ندرة المياه إلى 40% بحلول عام 2040. ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى نزوح نحو 700 مليون شخص بحلول عام 2030، ويعيش طفل واحد من كل أربعة أطفال عالميًا في مناطق تعاني من نقص المياه الحاد.
أما عربياً، فتوضح الأرقام أن 13 دولة تعاني من مشكلة ندرة المياه، وتصل حصة الفرد من المياه العذبة في بعض الدول إلى أدنى معدلاتها، حيث لا تتجاوز 800 متر مكعب سنويًا، مما يضعها تحت مخاطر بيئية وإنسانية كبيرة.
جهود الإمارات لمواجهة التحدي
في إطار مواجهة مشكلة ندرة المياه، أطلقت الإمارات استراتيجية الأمن المائي 2036 التي تهدف إلى ضمان استدامة وإدارة المياه بكفاءة على مدى 20 عاماً. تشمل الاستراتيجية تقليل الطلب على الموارد المائية بنسبة 21%، وخفض مؤشرات ندرة المياه، وزيادة نسب إعادة الاستخدام للمياه المعالجة إلى 95%، وتوفير سعات تخزين مناسبة لحالات الطوارئ.
كما تبذل الجهات المعنية جهودًا حثيثة لإنشاء محطات تحلية مياه البحر، وإدارة شبكات النقل والتوزيع لضمان تزويد مختلف القطاعات بالمياه، إلى جانب حملات توعية وتطوير تشريعات تسهم في ترشيد الاستهلاك، وتطبيق التقنيات الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات الإنتاج والتوزيع وتقليل الفاقد المائي.
مشاريع وتقنيات حديثة
تعمل الإمارات على رفع معدل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة من 70% إلى أكثر من 95%، وتستخدم المياه المعالجة في ري المساحات الخضراء والصناعة، مع تنفيذ مشاريع تنقية المياه واستخدامها في التطبيقات الإنشائية والصناعية بهدف تقليل الاستهلاك وتحقيق الاستدامة. بالإضافة إلى تطوير أنظمة تحلية المياه بما يتوافق مع الخصائص المحلية للمياه الجوفية والبحرية، مع الاعتماد على التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي والعدادات الذكية لتحسين كفاءة العمليات وتقليل الأثر البيئي.
التحديات والتغيرات المناخية
تواجه الإمارات تحديات كبيرة تتمثل في تراجع معدلات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة الناتجة عن التغير المناخي، ما يزيد من ضغط المياه الجوفية التي تعاني من الاستنزاف وقلة التغذية الطبيعية. تركز الاستراتيجية على إدارة الطلب على المياه الجوفية، وتوسيع أنظمة التخزين الجوفي، وبرامج الاستمطار، بجانب دعم مراكز البحث العلمي في تحليل التحديات بابتكار تكنولوجيات جديدة، وتطوير مناهج تعليمية تشجع على استدامة المياه.
كما تتعاون الجامعات البحثية مع دول متقدمة في مجال تحلية المياه وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة فاقد المياه، وتعمل على نشر الوعي بين المجتمعات من خلال المناهج والورش التوعوية، إضافة إلى برامج ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه في المنازل والمدارس.
مبادرات بحثية وتكنولوجية عالمية
تمثل الاستثمارات في البحث والتطوير جزءاً أساسياً من جهود الإمارات، حيث تطلق مبادرات عالمية كمبادرة محمد بن زايد للماء، وجائزة محمد بن راشد العالمية للمياه، التي تهدف إلى تحفيز البحث والتطوير في تقنيات تحلية وتنقية المياه باستخدام الطاقة المتجددة، وتشجيع الابتكار لدعم الأمن المائي العالمي. كما يمثل برنامج بحوث علوم الاستمطار أحد المبادرات التي تمكّن من تعزيز الأمن المائي عبر مشاريع تركز على تطوير تقنيات الاستمطار والتخزين الجوفي والحد من آثار التغير المناخي.