تأثير درجات الحرارة المرتفعة على الصحة النفسية
تُظهر درجات الحرارة المرتفعة تأثيرًا كبيرًا على الحالة النفسية للأفراد، فهي تسبب زيادة في التوتر والعصبية والقلق. لا يقتصر الأمر على الانزعاج الناتج عن الحر فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى اضطرابات نفسية مثل القلق، والتوتر، ونوبات الهلع، خاصة مع استمرار موجات الحر الشديدة. الارتفاع في درجات الحرارة يرفع من معدل زيارة غرف الطوارئ بسبب تدهور الحالة النفسية، حيث تتفاقم مشاكل المزاج، وتزيد احتمالات الإصابة بالقلق، والانفعال، وحتى الاكتئاب. الأعراض الجسدية الناتجة عن الإجهاد الحراري، مثل التعرق المفرط، تسارع نبضات القلب، والدوار، تتداخل مع أعراض القلق، مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا خاصة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية سابقة، إذ يمكن أن تثير لهم نوبات من التشنجات والهلع نتيجة التفاعل بين الجسد والعقل.
كيف تؤثر الحرارة على المخ وهرمونات الجسم؟
تؤدي الحرارة المرتفعة إلى تفعيل استجابة الجسم الطبيعية للتوتر؛ فعندما يشعر الجسم بالحر، يبذل مجهودًا أكبر لتنظيم درجة حرارته، مما يزيد من معدل ضربات القلب ورفع مستوى الكورتيزول، وهو هرمون مرتبط بالتوتر. هذا الارتفاع في الهرمونات يُؤثر على المزاج ويزيد من مشاعر القلق والانفعال. أظهرت أبحاث علمية أن الحرارة ترفع من مستويات مادة كيميائية تسمى النورإبينفرين، المسؤولة عن استجابة “القتال أو الهروب”، مما يُعزز حالة التوتر ويُشعر الدماغ وكأنه يواجه تهديدًا، حتى لو لم يكن هناك سبب حقيقي لهذا التهديد. تنتج هذه التغيرات استجابة فسيولوجية تؤدي إلى الشعور بعدم الراحة والتوتر، وتُحفز تكرارا في استجابة الجسم، مما يعمق الشعور بالإجهاد النفسي والاضطراب العاطفي.
موجات الحر وتأثيرها على الصحة النفسية
تؤدي موجات الحر المستمرة إلى تفاقم حالات الصحة النفسية، حيث تسجل غرف الطوارئ معدلات عالية لزيارات المرضى القلقين، والمصابين بنوبات الذعر واضطرابات المزاج. تكون أعراض ارتفاع درجة الحرارة، التي تشمل تعرق اليدين، تسارع نبض القلب، والدوار، مشابهة جدًا لأعراض القلق، وتداخلها يؤدى إلى تدهور الحالة النفسية بشكل أسرع. خاصة للأشخاص الحساسين أو المصابين باضطرابات القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة، فإن التفاعل بين الأعراض الجسدية والتوتر يُمكن أن يُشعل حلقة مفرغة، حيث يُفسر الدماغ التغيرات الجسدية على أنها علامات خطر، مما يزيد من إفراز الأدرينالين ويُضاعف مستويات القلق. تستمر هذه الدورة حتى يهدأ الجسم ويعود إلى الحالة الطبيعية، لكن تكرارها يجعل من الصعب التحكم بالمشاعر والتكيف مع الحرارة.
وسائل لمحاربة التوتر وتهدئة الجسم في الحر الشديد
ينصح باتباع وسائل بسيطة علميًا لمواجهة تأثيرات الحرارة على الجسم والعقل، منها غمر الوجه بالماء البارد أو وضع كمادات الثلج على الجبهة لتحفيز العصب المبهم، الذي يهدئ من استجابات الجسم التوترية. يجب تنظيم مواعيد النشاط، وتجنيب الأنشطة الشاقة خلال ساعات الذروة من الحر، من الساعة 11 صباحًا حتى 3 مساءً، لتركيز المجهود خلال الفترات الأقل حرارة. كما يُنصح بتنظيم عملية ترطيب الجسم عبر شرب الماء بكميات معتدلة، مع إضافة الأملاح عند التعرق المفرط لمنع الجفاف، الذي يُفاقم من التعب وتقلبات الحالة المزاجية. من المهم أيضًا التركيز على تناول وجبات مغذية، خاصة للأطفال وكبار السن والنساء الحوامل والعاملين في الهواء الطلق، لتقوية الجسم ومواجهة تأثيرات الجو الحار. يمكن ارتداء طبقات مريحة واستخدام المراوح أو مناشف مبللة وبخاخات التبريد لتبريد الجسم بسرعة واستعادة التوازن النفسي والعاطفي بشكل أسرع.