أبلغت الطبيبة روت فريريس أن ابنتها الصغيرة تامارا لن تعيش طويلاً بسبب إصابتها بصغر حجم الرأس بشكل غير طبيعي، وهي حالة ناتجة عن تعرض والدتها لفيروس زيكا أثناء الحمل، وهو أحد الآثار التي تظهر في أطفال العديد من النساء المتعرضات للفيروس.
تأتي حالة تامارا ضمن مئات الأطفال الذين ولدوا مصابين بهذه الحالة العصبية، والتي ظهرت بشكل واضح بعد انتشار وباء الفيروس في البرازيل خلال عامي 2015 و2016، حيث وانخفضت حالات الإصابة بشكل ملحوظ إلا أن أسباب تدهورها لا تزال غير معروفة بدقة، بيد أن انتشار الفيروس كان مرتبطاً بشكل رئيسي بأماكن معينة في البلاد، خاصة مناطق شمال شرق البرازيل.
تعيش تامارا الآن في ماسايو، وهي مدينة ساحلية تتعرض لنسبة عالية من الحالات المشابهة، وتبلغ نسبة الإصابات في تلك المنطقة حوالي 75%، ويعاني العديد من الأطفال المصابين من مشاكل في القلب، المفاصل، وصعوبات في تنسيق حركاتهم، فضلاً عن عدم قدرتهم على المشي أو التحدث بشكل طبيعي، ويعتمد العديد منهم على أنابيب الطعام للبقاء على قيد الحياة.
مواجهة تحديات تربية أبنائهم دفعت أمهات الأطفال، بمن فيهن روت، إلى تشكيل مجموعة دعم خاصة، استمرت في العمل رغم ضعف دعم السلطات المحلية، حيث كانت التجربة تشتمل على تبادل المعلومات والتكاتف لمواجهة الصعوبات، ولاقت دعمًا من المجتمع المحلي الذي اتخذ شعار اللون الأصفر لتمييز أنفسهم وتوحيد جهودهم.
اضطرت العديد من الأمهات إلى التخلي عن أعمالهن والاعتماد على المعونات الحكومية، مع الدخول في معارك قانونية لتأمين الرعاية الصحية والعلاج اللازم لأطفالهن، وتُعيل أليساندرا هورا حفيدها المصاب، بعد فقدان ابنها، من خلال الانتقال للسكن مع آخرين يعانون من نفس الحالة، بهدف إنشاء شبكة دعم قوية تساعد بعضهم البعض بشكل أفضل.
يوجد أحد الأطفال، إنزو، وهو من بين القلائل الذين يعانون من صغر الرأس جراء الفيروس، ويتميز الآن باستقلالية نسبياً، حيث أصبح قادرًا على المشي والكلام بعد سنوات من العلاج في المستشفيات، ويعكس ذلك تطورًا إيجابيًا رغم ظروف الإصابة الصعبة.
واصلت الجهات الصحية في ولاية ألغواس جهودها لتحسين الوضع، من خلال توعية السكان حول طرق تنظيف المياه وتدريب العاملين في مراقبة الصحة، وأسهمت تلك الإجراءات إلى حد كبير في تقليل عدد الحالات، مع رصد انخفاض غامض في اكتشاف إصابات جديدة، لكن من غير الواضح سبب ذلك، وما إذا كان هناك مناعة طبيعية تتكون لدى السكان بعد الإصابة.
تبقى العديد من الأسئلة بدون إجابة، خاصة حول مدى استمرار المناعة أو مدى تأثير عوامل أخرى مثل سوء التغذية أو المياه الملوثة، والتي قد تزيد من خطورة الإصابات وتفاقم الضرر العصبي عند الأطفال، الأمر الذي يجعل من الضروري مواصلة البحث والدراسة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء تضرر مناطق معينة من البلاد بشكل أكبر، وكيفية الوقاية بشكل أكثر فاعلية في المستقبل.