رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

قتل وتشويه وتزوير.. كيف يفسر الطب النفسي غيرة النساء القاتلة

شارك

تُعدّ الغيرة واحدة من أقدم المشاعر البشرية، فهي تعبير عن الخوف من فقدان مكانة أو شخص أو ميزة أمام الآخرين، لكنها حين ترتبط بالنساء قد تحمل أبعادًا أكثر تعقيدًا لالتقاء العواطف بالعلاقات الاجتماعية، وقد تحوّلت في وقائع حديثة من إحساس عابر إلى سلوك عدائي انتهى بجرائم.

حوادث نابعة من الغيرة

شهدت محافظة القليوبية حالة تلاعب برغبات تنسيق القبول الجامعي بعد أن استغلت زميلة الرقم السري لطالبة متفوقة وغيرت رغباتها عمداً فوجدت الطالبة اسمها مقيدًا بكلية أخرى بدلاً من كلية الطب، وأكدت التحقيقات أن الدافع كان الغيرة من تفوقها ورغبة في إفساد مستقبلها.

وقعت جريمة عنيفة في منطقة مصر القديمة عندما هاجمت سيدة مطلقة تُدعى “سعاد” عروسًا شابة اسمها “منصورة” بآلة حادة في الطريق، فأحدثت جروحًا عميقة في وجهها استلزمت أكثر من أربعين غرزة، وكان الدافع غيرة من زواج طليقها بالضحية.

شهد مركز دير مواس بمحافظة المنيا جريمة مروعة عندما وضعت زوجة ثانية مادة سامة في الخبز المجهز لزوجها وأطفاله الستة من زوجته الأولى، فسقط الأب والأبناء جميعًا صرعى، وأكدت التحريات أن الغيرة من احتمال عودة الزوج إلى زوجته الأولى كانت السبب الرئيسي وراء الجريمة، وأمرت النيابة بحبس المتهمة.

الغيرة: طبيعية أم مرضية؟

شرح الدكتور أمجد العجرودي، استشاري الطب النفسي، أن الغيرة في أصلها شعور طبيعي وقد تكون دافعًا للتطوير وتحسين الذات، لكن الخطر يبدأ حين تتحول إلى اضطراب نفسي يسيطر على التفكير ويقود إلى تصرفات مدمرة.

يكمن الفرق بين الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية في قدرة الشخص على التحكم؛ فالغيرة الطبيعية تبقى داخلية وقد تحفز الإبداع، بينما تتحول الغيرة المرضية إلى هوس يدفع صاحبه للمراقبة الحثيثة للآخرين أو لإلحاق الضرر بهم.

أعراض الغيرة المرضية

تتضمن علامات الغيرة المرضية انشغالًا مستمرًا بالمقارنة مع الآخرين، وأفكارًا مهووسة بنجاحات أو علاقات الغير، ومراقبة مفرطة للشخص الآخر في الواقع أو عبر الإنترنت، وظهور سلوك عدائي أو تهديد مباشر، واضطرابات في النوم مع استغراق التفكير في كيفية إفساد نجاح الآخرين، ونوبات غضب شديدة لا تتناسب مع المواقف، ووجود هذه الأعراض بشكل متكرر يشير إلى حاجة لتدخل علاجي.

لماذا تتفاقم الغيرة بين النساء؟

تتفاقم الغيرة لدى بعض النساء بسبب المقارنة المستمرة في مجتمعات تضع معايير صارمة للجمال أو النجاح، وبسبب المنافسة العاطفية على خطيب أو زوج أو اهتمام محدد، إضافة إلى الضغط الاجتماعي لإثبات الذات أمام الأسرة والمجتمع الذي يجعل نجاح الآخر تهديدًا، ويُعدّ ضعف الثقة بالنفس العامل الأهم لأن أي إنجاز خارجي يتحول إلى انعكاس لقيمة الذات.

كيف يُعالجُ هذا النوع من الغيرة؟

يتطلب علاج الغيرة المرضية مسارات متوازية تشمل العلاج النفسي الفردي لفهم جذور الغيرة، والعلاج السلوكي المعرفي لتصحيح أنماط التفكير الخاطئة، وتدريبات على التحكم بالانفعال مثل التأمل والتنفس العميق، ودعمًا أسريًا لأن العزلة تزيد الشعور بالتهديد، واستخدام أدوية عند الاقتران باضطرابات مثل الاكتئاب أو القلق.

دراسات وأبحاث

أظهرت دراسات نفسية أن النساء أكثر عرضة للشعور بالغيرة العاطفية مقارنة بالغيرة المادية عندما يتعلق الأمر بالعلاقات العاطفية وتهديد المكانة مع الشريك، وأبحاث أخرى ربطت المنافسة النسائية بعوامل تطورية ترى في الغيرة وسيلة لحماية العلاقة العاطفية من التهديدات الخارجية، ما يبيّن أن الغيرة تتأثر بالثقافة والمجتمع وقد تتحول أحيانًا إلى صراع علني.

مقالات ذات صلة