رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

بقلم محمد عبد الرحمن: خالد النبوي.. المهاجر

شارك

صعد خالد النبوي خشبة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في دورته الرابعة عشرة يناير 2025 لتسلم تكريمه عن مشوار امتد من القاهرة وصولًا إلى هوليوود، وبابتسامة مميزة حيّا الجمهور وبارك لابنه نور نجاح فيلمه “الحريفة” الذي تجاوز حاجز المئة مليون جنيه إيرادات معترفًا بفخره وتعلّمه منه، ومؤكدًا أنه لا يزال مستعدًا لمغامرات جديدة ومنافسة نجله نفسه.

البدايات

بدأ النبوي بأدوار صغيرة في التلفزيون مثل سهرة “بيت أزياء ماما” ثم فيلم “ليلة عسل” 1990، وبرز أكثر في “المواطن مصري” مع صلاح أبو سيف، قبل أن يلاحظه يوسف شاهين الذي منحه فرصًا مهمة في “القاهرة منورة بأهلها” 1991 ثم أدوار بطولة في “المهاجر” 1994 و”المصير” 1997، وظل حضوره طاغيًا حتى لو ظهر لمشهد واحد.

مغامرة الأداء

قَبِل النبوي تحديات كبيرة في ظهوراته المبكرة، وفي “المهاجر” تقدم بدور حمل مخاطرة وجرأة، معتمداً على المعايشة الحقيقية بعيدًا عن القوالب الجاهزة، مستخدمًا صوته وانفعالاته لتجسيد الشخصية بطريقة خاصة به تتناسب مع الإيقاع الدرامي للعمل.

الأدوار التاريخية

لم يسقط النبوي في فخ التقليد في أدواره التاريخية، بل قدمها بصدق وابتكار، مثل دوره في عمل 2005، وتجسيده لطومان باي في “ممالك النار” 2019 ودور الإمام الشافعي في “رسالة الإمام” 2022، مستفيدًا من خلفيته المسرحية للتركيز على العمق الدرامي والأبعاد النفسية، وحتى أنه وجد ملامح الشخصية من ملاحظة إنسانية بسيطة مثل رجل مسن ربط عمامته.

تعرض أحيانًا لاتهامات بالمبالغة في الانفعال، لكن كثيرًا ما كانت هذه الشدة متناسبة مع سياق العمل الذي يتطلب تضخيم المشاعر لإيصالها للمشاهد.

التنوع والتجدد

لم يشغل النبوي نفسه بفكرة البطولة المطلقة، فاختار أدوارًا ثانوية أو بطولات جماعية في أعمال مثل “إسماعيلية رايح جاي” 1997 و”فتاة من إسرائيل” 1999 و”حديث الصباح والمساء” 2001، مستغلًا المساحة الفنية لبناء علاقة واسعة مع الجمهور، رغم أن هذا الأسلوب أحيانًا أثر على موقعه في شباك التذاكر.

في “الديلر” 2010 قدم شخصية شعبية معقدة تُظهر إنسانية بامتزاج التمرد والعفوية، موضحًا أنه عمل على تقديم شخصية طموحة بدل وصفها بالشر، ومؤكدًا قدرته على التنقل بين التراجيديا والكوميديا والهدوء والصخب في المشهد الواحد.

السينما تحدٍ مستمر

تبقى السينما تحديًا له، فرغم عودته القوية عبر الدراما بعد “ممالك النار”، لم يحقق فيلم “أهل الكهف” الصدى الجماهيري المتوقع مقارنة بأعمال سابقة، ويبقى السؤال عمّا إذا كان سيجد دورًا سينمائيًا يعيد حضوره الاستثنائي على الشاشة الكبيرة أم ستبقى الدراما ملعبه الأقرب.

يتمتع النبوي برؤية فنية واضحة ووعي ثقافي جعلاه يختار القيمة قبل المكسب ويهتم بهموم الناس في أعماله، واليوم وهو يحتفل بعيد ميلاده التاسع والخمسين يظل فنانًا لا يتوقف عن التجريب وحاملًا رسالة جمالية، وكان تكريمه في الأقصر تتويجًا لمسيرة طويلة سلّم فيها الراية معنويًا لابنه نور.

مقالات ذات صلة