أكد معالي الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، أن التكامل في عالم اليوم لم يعد خياراً فكرياً بل ضرورة وجودية، فالمستقبل لا يمكن أن يبنى إلا على جسورٍ متينةٍ، وأن تعاون الرسالات السماوية وقادتها وأتباعها هو ما يصنع مستقبلاً أكثر سلاماً واستقراراً.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية في الدورة الثامنة لمؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية، الذي يُعقد في العاصمة الكازاخستانية أستانا يومي 17 و18 سبتمبر تحت عنوان «حوار الأديان: التآزر من أجل مستقبل أفضل»، بحضور فخامة قاسم جومارت توكاييف، رئيس جمهورية كازاخستان، والوفود المشاركة من عدة دول لتعزيز الحوار بين القادة الدينيين ومواجهة التحديات المشتركة.
وأكد أنه ينبغي في مثل هذه المنصات أن نثمن الاختلافات ونقر الفوارق ونحترمها، ونسعى إلى رسم معالم تكاملها، مبيناً أن ما يميّز تجربة دولة الإمارات في ترسيخ القيم الإنسانية السامية أنها أنشأت منصاتٍ ومراكزٍ ومناهجَ وجامعاتٍ وصروحاً وطنية تجسد التكامل والحوار، لتبقى هذه المكتسبات والمشروعات والمبادرات الوطنية التي ترعاها قيادتها الرشيدة ركيزة سلامٍ وسكينةٍ واطمئنانٍ يعمّ المجتمع بكل فئاته ومكوناته.
وأوضح أن ما تحقق من كفاءة حواريةٍ عالمية، وانتعاش فكري، وتلاقي بين الأديان خلال العقدين الماضيين، يجب أن يصاحبه اليوم تحولٌ من التنظير إلى التطبيق، ومن التأطير إلى التنزيل الواقعي.
وأضاف: إننا بترسيخنا لهذه المعالم التي هي أكبر الموجّهات لنجاحاتنا نستطيع أن نحافظ على وتيرة التقدم هذه، والتي منها التأكيد على دور الأديان في العصر الراهن، وأن يكون العلماء والقادة الدينيون اليوم في مستوى هذه المسؤولية ويتحلّوا في أدائها بالصدق والأمانة والفاعلية، وكذلك صناعة جيلٍ من الشباب، وإشراكه في الحوار الديني، والوعي بسياساته وأولوياته، لبناء مجتمعاتٍ مستدامةٍ أكثر تسامحاً وسلاماً، وأيضاً عدم التغاضي عن الخطابات المتطرفة والتأخر في تطويقها والتساهل في مواجهة أي محتوى يروّج للتشدد والكراهية باسم الدين يقوّض أسس هذا البناء.
وقال: إن البيئة الخصبة لتنمية هذا المشروع تتوقف على قضايا جوهرية، فهذه القضايا هي شروط الإنبات الحقيقي لهذا المشروع، وعلى رأس تلك القضايا: الإيمان بالدولة الوطنية، وترسيخ المسؤولية الأخلاقية، وتفكيك المفاهيم المرتبطة بالحوار، والوعي بالقوانين والمواثيق، والاستثمار في التعليم والتقنية والذكاء الاصطناعي من أجل السلام، فصيانة الأوطان هي الغاية الكبرى من كل حوار.