أظهرت دراسة جديدة أجرتها جامعة كاليفورنيا أن التصوير الطبي الناتج عن الإشعاع قد يؤثر في صحة الأطفال، حيث تبيّن أن ما يقرب من 10% من حالات سرطان الدم لدى الأطفال قد تكون مرتبطة مباشرة بالإشعاع الناتج عن هذه الفحوصات، وبخاصة التصوير المقطعي المحوسب.
تفاصيل الدراسة
اعتمد الباحثون في تحليلهم على بيانات تقارب أربعة ملايين طفل ومراهق وُلدوا بين عامي 1996 و2016 وتلقوا رعاية صحية في ستة أنظمة صحية في الولايات المتحدة وكندا، وخلال هذه الفترة تم تشخيص 2961 حالة من سرطانات الدم. وأكدت النتائج أن التعرض المتراكم للإشعاع يزيد احتمالية الإصابة بأورام الدم، مع الإشارة إلى أن هذه الزيادات قد تكون مرتبطة بشكل مباشر بالفحوصات الإشعاعية.
خطورة الأشعة المقطعية مقارنة بالأشعة السينية
بينت النتائج أن وسائل التصوير تختلف في مستوى الإشعاع، فالتصوير المقطعي المحوسب للرأس يُعد من الفحوصات الأكثر استخداماً ويرتبط بارتفاع ملحوظ في الخطر. فقد أظهرت البيانات أن الأطفال الذين خضعوا لتصوير مقطعي للرأس مرة أو مرتين كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان بمقدار 1.8 مرة، بينما ارتفع الخطر إلى 3.5 مرة عند من تعرضوا لفحوصات أكثر.
أما الأشعة السينية، فرغم انتشار استخدامها خصوصاً في فحص الصدر وتشخيص الكسور، فإنها تحمل جرعات إشعاعية أقل، وبالتالي يكون الارتفاع في الخطر محدوداً نسبياً مقارنةً بالتصوير المقطعي.
الفئات الأكثر عرضة
بينت النتائج أن 79.3% من الحالات كانت أوراماً لمفاوية، مع وجود نسبة من سرطان الدم ونخاع العظم، وهي من بين أنواع السرطان الأكثر شيوعاً بين الأطفال. كما تبين أن الذكور شكلوا نحو 58% من الإجمال، وأن نصف الإصابات تقريباً تم تشخيصها لدى الأطفال دون سن الخامسة.
الوقاية وتقليل المخاطر
أشارت الدكتورة ريبيكا سميث بيندمان، أستاذة الأشعة وعلم الأوبئة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو والمؤلفة الأولى للدراسة، إلى أن الأطفال أكثر حساسية للإشعاع بسبب معدل الانقسام الخلوي الأعلى ومتوسط عمرهم الطويل المتوقع، ما يزيد احتمال تراكم الأضرار على المدى البعيد. وأضافت أن النتائج تدعم ترشيد استخدام التصوير الطبي ليكون فقط عند الضرورة القصوى وبما يوفّر معلومات لا غنى عنها في التشخيص والعلاج، مع استخدام أقل جرعات ممكنة وتفضيل البدائل غير المؤينة مثل الموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي عندما يكون ذلك ممكناً.
الفوائد مقابل المخاطر
رغم أن التصوير الطبي يظل أداة حيوية في التشخيص المبكر وإنقاذ الأرواح، أكدت الدراسة ضرورة موازنة الفوائد المباشرة للتشخيص مع المخاطر الصحية على المدى الطويل. وقالت الدكتورة ديانا ميجليوريتي، أستاذة الصحة العامة والإحصاء الحيوي بجامعة كاليفورنيا ديفيز، إن هذه النتائج تشي بثبوت وجود علاقة بين جرعات الإشعاع وخطر الإصابة بالأورام الخبيثة في الدم لدى الأطفال والمراهقين، وأن الأطفال أكثر عرضة لهذه التأثيرات، ولذا يجب تحسين بروتوكولات التصوير لتقليل الجرعات غير الضرورية.