رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

قيصر لا بد أن يموت من أجل تافياني.. دروس تعلمناها من إيمان عز الدين

شارك

رؤية نقدية لفيلم قيصر يجب أن يموت

تقدّم هذه المعالجة قراءة مركبة تجمع بين الكلاسيكي والواقع، فتقدّم فيلم قيصر يجب أن يموت كمرآة للحياة المعاصرة وتعيد صياغة مسرحية يوليوس قيصر في سياق سجن روما الحديث.

يضع الأخوان فيتوريو وباولو تافياني قصة القيصر في إطار سجين حقيقي، حيث تتحول قاعة التدريبات والطرقات والزنازين وأسطح السجن إلى فضاءات مسرحية تتوالى فيها البروفات، ويُختار الممثلون وفق خلفياتهم الإجرامية وتجاربهم الشخصية ليصبح كل سجين شخصية شكسبيرية حية على الشاشة.

تبرز فكرة الاقتباس ليس كنقل حرفي بل كإعادة بناء تناسب زمن الحبس وواقع الحياة داخل السجن، وهو ما ينسجم مع نظرية المعالجات عند ليندا هاتشيون التي ترى الاقتباس تجربة إبداعية تتيح تفسيراً جديداً للنص في سياق مختلف.

تظهر علاقة التوافيق بين العصور عبر اختيار استخدام اللهجات الإيطالية الجنوبية من قبل الممثلين كتصريح سياسي يعيد الاعتبار للغات الطبقات الدنيا، ويؤكد أن الفن يمكنه أن ينطلق من أماكن مظلمة ليصوغ قضايا إنسانية كبرى.

تُعزز الموسيقى المصاحبة للمشاهد، خاصة مقطوعات الفلوت الحزينة، الإحساس بالصراع الداخلي والقدرية التي تسري في حياة السجناء وبروتوس، وتعيد كل جملة لحنية المشهد إلى فكرة المصير والقرار المصيري.

يقدم الفيلم رؤية تتجاوز مجرد اقتباس شكسبيري ليصير حواراً بين العصور والثقافات والواقع والخيال، وهو يؤكد أن الفن يمكنه أن يكون خلاصاً وعبئاً في آن معاً، ويسألك عن معنى الحرية عندما تكون القيود واقعة في جسد الإنسان وتاريخ المجتمع.

منجزاً فنياً عميقاً ومؤثراً، يعيد الأخوان تافياني تشكيل النص الشكسبيري داخل سياق واقعي ويقدم صورة جديدة عن معنى الحرية والسلطة في عالم السجون، وهو عمل يفتح باباً للمشاهدين لفهم أثر النص الكلاسيكي في الزمن المعاصر.

وفي ختام العمل يتبدّى التلازم بين الفن والواقع بشكل حاسم، حيث تروي الشخصيات تجربة فردية عبر تجاربهم السجنية وتُطرح أسئلة وجودية حول مدى قوة الفن في تحرير الروح أو تعزيز القيود، وهو ما يجعل الفيلم حواراً دائماً بين الماضي والحاضر.

أود بهذا النص أن أشير إلى شكرٍ عميق للمعلمة الدكتورة إيمان عز الدين التي علمتني أن المعالجات الدرامية تمنح النص شكلاً حيّاً وتكشف كيف يمكن لإعادة إنتاج شكسبير أن يعكس هموم زمانه ومكانه ويُبرز قدرة الفن على التجديد والتأويل.

مقالات ذات صلة