رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

موسم أصيلة الثقافي بين وفاء الذاكرة ورهانات المستقبل بعد رحيل بن عيسى

شارك

الإمارات نيوز – حسام لبش

تعيش مدينة أصيلة هذه الأيام دورة استثنائية من موسمها الثقافي الدولي، هي الأولى منذ سبعٍ وأربعين سنة تُقام في غياب الرجل الذي صنع هويتها وارتبط اسمه بها: محمد بن عيسى، الأمين العام الراحل لمنتدى أصيلة ورئيس جماعتها السابق، الذي حوّل بلدة صغيرة على المحيط إلى منصة عالمية للحوار الثقافي والفكري والفني.

شهادات بحجم الغياب

افتتحت الدورة الـ46 بسلسلة شهادات ومداخلات قدّمها قادة ومفكرون ووزراء حاليون وسابقون من إفريقيا وأوروبا والعالم العربي. في كلماتهم حضر سؤال الوفاء لروح المؤسس، كما حضر سؤال المستقبل الذي يواجهه المنتدى بعد فقدان رُبّانه.

الأمين العام الجديد، حاتم البطيوي، صعد إلى المنصة وهو يحمل “جرح الغياب” كما وصفه، مؤكداً أنّ بن عيسى لم يكن مجرد مؤسس لمهرجان، بل كان حارس شجرة زرعها منذ عقود، لتغدو اليوم وارفة الظلال، تمتد أغصانها إلى كل القارات، وتجمع بين قيم الإبداع وسموّ الإنسانية.

المدينة في قلب العهد

من جهته، شدّد طارق غيلان، الرئيس الجديد لجماعة أصيلة، على أنّ المدينة والموسم يعيشان لحظة وفاء لرجل استثنائي، جعل من الثقافة رافعة للتنمية وجسراً مفتوحاً على العالم. وأكد أنّ أصيلة ستظل وفيّة لهذه البصمة، لكنها في الآن نفسه ستسعى إلى تجديد دمائها بروح العصر ورؤية تنموية مستدامة، منسجمة مع التوجيهات الملكية.

موسم يتحوّل إلى مدرسة

في هذه الدورة، لم يعد الموسم الثقافي حدثاً موسمياً عابراً، بل تحوّل إلى مدرسة مفتوحة على قيم الإبداع، وفضاء لتلاقح الأفكار وتربية أجيال جديدة على الحوار والتسامح. غيلان كشف عن طموح أن تصبح أصيلة مدينة مبدعة وذكية، تُدخل التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي في مشاريعها التنموية، دون أن تفقد هويتها الثقافية والحضارية الأصيلة.

ما بعد بن عيسى.. استمرارية بروح جديدة

رحيل محمد بن عيسى شكّل منعطفاً تاريخياً لموسم أصيلة، لكن المنظمين يصرون على أنّ إرثه لن يُختزل في الماضي. فالموسم اليوم ليس مجرد وفاء لرجل، بل التزام جماعي بمواصلة مسيرة بدأت قبل نصف قرن، وبناء أفق يرسّخ مكانة المغرب كجسر حضاري بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب، في زمن تتصاعد فيه الحاجة إلى حوار الثقافات.

حاتم البطيوي: العهد مستمر بروح المؤسس

واختتم حاتم البطيوي كلمته قائلاً:
“إنّ أصيلة لم تكن مجرد مدينة أو موسم عابر، بل كانت وستظل فكرة حيّة، وزرعاً طيباً غرسه محمد بن عيسى، ونحن اليوم مؤتمنون على أن نرعاه ونصونه ونمنحه نفساً جديداً يليق بروحه وبما يستحقه المغرب والعالم.”

مقالات ذات صلة