رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

دواء مركب لعلاج الالتهابات الناتجة عن بكتيريا تقاوم المضادات الحيوية

شارك

دراسة جديدة تقترح تعزيز المضادات الحيوية بالكلورات

أثبتت النتائج أن إضافة جرعات صغيرة من جزيء الكلورات إلى المضادات الحيوية القياسية فعالة في قتل الخلايا البكتيرية في المختبر، وذلك بمقدار يصل إلى نحو عشرة آلاف مرة أكثر من مضاد حيوي واحد.

اختبرت الدراسة هذه التركيبة على بكتيريا الزائفة الزنجارية (P. aeruginosa)، وهي بكتيريا شائعة العدوى في جروح مزمنة.

قادت أبحاث جامعة أوريزون إلى تطوير مركب دوائي جديد قادر على فك البكتيريا التي تعيش في التهابات الجروح المزمنة، وهو ما أبرزته نتائج الدراسة المنشورة في مجلة علم الأحياء الدقيقة التطبيقية والبيئية في 29 سبتمبر.

وتسلط النتائج الضوء على سبل تطوير علاجات مضادة للميكروبات أكثر فعالية تعزز التئام الجروح المزمنة، كما يمكن لهذه العلاجات أن تقلل خطر الإصابة بالعدوى الشديدة التي قد تؤدي إلى البتر، مثل قرح القدم السكري.

وفق المصادر، يجمع هذا النهج بين مواد معروفة منذ زمن لم تنجح وحدها ضد مسببات الأمراض في الجروح المزمنة، لكن بإضافة جرعات صغيرة من الكلورات إلى المضادات الحيوية القياسية، ثبتت فاعلية في قتل الخلايا البكتيرية في المختبر بنحو عشرة آلاف مرة أكثر من دواء واحد، ما أدى إلى تقليل جرعة المضاد الحيوي اللازمة لمكافحة الزائفة الزنجارية.

تؤكد الدكتورة ميلاني سبيرو، الأستاذة المساعدة في علم الأحياء في كلية الآداب والعلوم في أوريجون والمؤلفة الرئيسية للدراسة، أنه إذا أمكن ترجمة النتائج إلى البشر، فقد يساعد ذلك في تقصير مدة تناول المرضى للمضادات الحيوية وتقليل الآثار الجانبية، ورغم أن العمل مُدرج في سياق التهابات الجروح المزمنة، فإنه يحمل وعداً بمعالجة مقاومة المضادات الحيوية على نطاق أوسع.

قالت سبيرو: “أعتقد أن تركيبات الأدوية ستُعدّ نهجاً حاسماً في مكافحة تزايد مقاومة المضادات الحيوية، وتكمن القيمة في إيجاد أمثلة على التآزر بين مضادات الميكروبات المتوفرة وتعميق فهم آليات عملها معاً.” وتابعت أن الجرح المزمن هو نسيج ملتهب لم يبدأ الشفاء خلال فترة زمنية تتراوح عادة بين أربع واثنتي عشرة أسبوعاً، وأن النوع الأكثر شيوعاً لقرحة القدم هو قرحة القدم السكرية، وهي قرحة مفتوحة بسبب سوء الدورة الدموية والضغط ونقص الإحساس.

تشير بيانات الجمعية الأمريكية للسكري إلى أن نحو ربع المصابين بالسكري من النوع 2 يصابون بقرحة القدم، وأكثر من نصف هذه الحالات تتعرض للعدوى، وتعتبر العدوى النشطة أكثر المضاعفات شيوعاً التي تعيق التئام الجرح، وإن كانت قرح القدم السكرية شديدة فإن نحو واحد من كل خمسة قرحات قد يحتاج إلى البتر.

يرى الباحثون أن التغيرات في تدفق الدم وارتفاع طلب الخلايا الالتهابية على الأكسجين ووجود البكتيريا في موقع الجرح المزمن جميعها عوامل تقيد وصول الأكسجين إلى الأنسجة وتعرقل التئامه، وتأتي البيئات المحرومة من الأكسجين لتزيد من صعوبة مكافحة العدوى وتفتح باب المقاومة للمضادات الحيوية التقليدية.

عندما يفقد موقع الجرح الأكسجين، تتجه البكتيريا إلى التنفس بالنترات للحصول على الطاقة، وتبطئ من نموها لكنها تبقى حية وتواصل الانتشار، وهذا النمط يجعلها أكثر مقاومة للعقاقير التقليدية، خاصةً إذا كانت البكتيريا تنمو ببطء وتُختبر المضادات الحيوية غالباً في ظروف غنية بالأكسجين.

أوضحت سبيرو أن الجمع بين المضادات الحيوية وجزيء الكلورات “يضغط على الخلية البكتيرية بطريقة تجعلها شديدة الحساسية للمضادات الحيوية.” وتستند هذه النتائج إلى دراسات سابقة قامت بها كوبا باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، حيث وجدت أن الكلورات مركّب بسيط وغير ضار بالثدييات والبشر بجرعات منخفضة، ويحوّل المضادات الحيوية من ضعيفة الفعالية إلى مضادات بكتيريا فعّالة في مزارع الخلايا ونماذج فئران مصابة بالسكري.

أظهرت أحدث الدراسات أن الكلورات تزيد من فاعلية جميع أنواع المضادات الحيوية، ويمكنها تقليل الجرعة اللازمة لمكافحة الزائفة الزنجارية، وفي بعض الحالات استخدم الفريق كمية تعادل 1% من الجرعة القياسية من مضاد حيوي واسع الطيف سيفتازيديم، ما يعزز الأمن الحيوي ويحد من التأثيرات الجانبية المرتبطة بالعلاج الطويل الأمد.

وتؤكد سبيرو أن العدوى المزمنة غالباً ما تضم تجمعات ميكروبية تعيش وتتفاعل معاً، لذا فإن معرفة كيفية تأثير تركيبات الأدوية على هذه التجمعات في كائنات حية النموذج هي الخطوة التالية المهمة، كما أن الآلية الدقيقة لكيفية تعزيز الكلورات للمضادات الحيوية لا تزال غير واضحة بالكامل، مع العلم بأن الكلورات تتحكم في تنفّس النترات، وتتسبب في موت الميكروبات في غياب الأكسجين تماماً، بينما في بيئات دقيقة ذات مستويات أكسجين متباينة قد تتمكن البكتيريا من إصلاح الضرر وتتحمل المادة في اختبارات الدواء المفردة.

يُشار إلى أن هذه الأسئلة كانت محور أبحاث سبيرو خلال عملها في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، حيث أظهرت النتائج أن الكلورات مركّب بسيط وآمن عند جرعات منخفضة وتلك الجرعات قادرة على تحويل مفعول المضادات الحيوية من ضعيفة إلى فعالة في النماذج الخلوية والحيوانية المرتبطة بالسكري، وهو ما يدعم فكرة وجود آليات تآزر قد تفتح طرقاً جديدة لمعالجة عدوى الجروح المزمنة ومقاومة المضادات الحيوية بشكل أوسع.

مقالات ذات صلة