افتتاح القمة وتوجهات دبي في الاقتصاد الأخضر
افتتح سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم الدورة الحادية عشرة من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر في دبي، التي ينظمها المجلس الأعلى للطاقة في دبي وهيئة كهرباء ومياه دبي والمنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر، في مركز دبي التجاري العالمي يومي 1 و2 أكتوبر 2025، وتُعقد هذا العام تحت شعار «الابتكار المؤثر.. تسريع مستقبل الاقتصاد الأخضر».
وأعلن عبر حسابه على منصة «إكس» قائلاً: «افتتحتُ الدورة الحادية عشرة للقمة العالمية للاقتصاد الأخضر في دبي، المنصة الدولية الرائدة التي تجمع القادة والخبراء لتسريع وتيرة التحول نحو مستقبل أكثر استدامة، وتؤكد الدور المحوري لدبي في صياغة ملامح الاقتصاد الأخضر، وترسخ مكانتها في قيادة مسارات الابتكار، وبناء جسور التعاون العالمي».
وألقى معالي سعيد محمد الطاير، نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، كلمته الافتتاحية بحضور لفيف من الوزراء وكبار المسؤولين، وممثلي منظمات دولية، وخبراء ومتخصصين في مجالات الاقتصاد والطاقة والاستدامة، وأكثر من 100 متحدث من مختلف أنحاء العالم.
أبرز محاور الكلمة الافتتاحية وتوجهات الابتكار
وأشار معاليه إلى أن القمة تأتي امتداداً لمسيرة الريادة التي تتبناها دولة الإمارات وجهودها المستمرة في العمل المناخي العالمي، وأن شعار الدورة يشكّل خارطة طريق لعمل مناخي يتسم بالشمولية والعدالة ويستشرف آفاق المستقبل، مؤكداً أن الابتكار هو المحرك الأساسي لتطوير حلول فعالة ومستدامة لمواجهة التغير المناخي وتحقيق ممارسات مناخية مستدامة تستشرف المستقبل وتبنيَه.
ولفت إلى أن القمة تستعرض قصصاً ملهمة عن دور الابتكار والذكاء الاصطناعي في رصد الانبعاثات والتنبؤ بالمخاطر المناخية، واستخدام إنترنت الأشياء لتحسين كفاءة استهلاك الموارد وخفض الانبعاثات وتعزيز القدرة على التكيف مع التأثيرات المناخية، وكيف تقود البيانات الضخمة عملية اتخاذ القرار.
الابتكار كعامل دفع رئيسي وتطورات الإمارات في الذكاء الاصطناعي والطاقة
وقال معالي سعيد محمد الطاير: «بتوجيهات قيادتنا الرشيدة، حققت دولة الإمارات المرتبة الثانية عالمياً والأولى إقليمياً في تصنيف أفضل الدول في الذكاء الاصطناعي لعام 2025، وفقاً لتقرير TRG المتخصص في حلول مراكز البيانات». من المتوقع أن تصل مساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصاد الإمارات إلى نحو 350 مليار درهم بحلول 2030؛ بما يعادل 14% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يعزز الحاجة لتوفير بنية تحتية قوية ومرنة ومستدامة.
وتكتسب الطاقة النظيفة والمتجددة أهمية متزايدة كركيزة أساسية للاقتصاد العالمي الجديد، ففي الربع الأول من 2025 بلغ حجم الاقتصاد الأخضر العالمي 7.9 تريليونات دولار، مسجلاً إيرادات تفوق 5 تريليونات دولار للمرة الأولى، ومن المتوقع أن يواصل النمو بمعدل مركب يصل إلى 15.6% ليصل إلى نحو 30 تريليون دولار بحلول 2033.
وأوضح معاليه أن الاستثمار في تحول الطاقة منخفضة الكربون نما بنسبة 11% ليصل إلى مستوى قياسي قدره 2.1 تريليون دولار في 2024، وفق تقارير عالمية. ويعكس هذا الزخم العالمي اتجاهات لتعزيز الطاقة النظيفة والمتجددة، مع توقع ارتفاع قدرة توليد الطاقة المتجددة بنسبة 84% خلال السنوات الخمس المقبلة حتى 2030، مع توقع مضاعفتها بحلول 2050.
وفي دبي، تجاوزت الأهداف المرسومة فوصلت نسبة الطاقة النظيفة إلى 21.5% من مزيج الطاقة، ونحتفل اليوم بمرور عشر سنوات على إطلاق أول مشروع بنظام المنتج المستقل للطاقة في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، ما يعكس التزامنا بالحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وتم الإعلان أن بحلول عام 2030 ستصل القدرة الإنتاجية للمجمع إلى أكثر من 8000 ميجاوات، مقابل 5000 ميجاوات كان مخططاً في الأصل، مع تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 8.5 ملايين طن سنوياً. وبفضل تبني تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتتبع الشمس، ارتفعت كفاءة الألواح الكهروضوئية في مشاريع المجمع من 11% إلى 24%، ما زاد الإنتاج دون زيادة المساحة، كما تقلصت المساحة اللازمة لإنتاج 100 ميغاوات من 2 كم² إلى 1 كم²، وهو دليل على الدور المحوري للابتكار في تسريع التحول نحو مستقبل مستدام.
تخزين الطاقة والتمويل المستدام
وأشار إلى أن أثر الابتكار يمتد إلى تخزين الطاقة كعنصر أساسي لاستقرار الشبكات المعتمدة على مصادر متجددة. وتواكب هيئة كهرباء ومياه دبي هذا التوجه من خلال المرحلة الرابعة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية التي تتميز بأكبر قدرة تخزينية للطاقة الحرارية في العالم، بينما تستعد المرحلة السابعة من المجمع للوصول إلى إنتاج 2000 ميجاوات عبر تقنيات الخلايا الكهروضوئية وتضم نظام تخزين بالبطاريات بقدرة 1400 ميجاوات لمدة ست ساعات.
واكد أن منظومة التمويل المتكاملة هي محرك رئيسي، حيث يستمر التمويل المستدام في النمو عالمياً عبر أدوات مثل السندات الخضراء والتمويل المختلط والاستثمارات التي تدعم أهداف المناخ. كما شدد على أهمية التكيّف المناخي والمرونة كأولويات المرحلة المقبلة، فبعض آثاره بات واقعاً، والتحدي يكمن في جاهزيتنا للتعامل الفعّال عبر أنظمة الإنذار المبكر والحلول الطبيعية المستلهمة من النظم البيئية وبناء بنية تحتية مرنة تتكيف مع المتغيرات.
وأضاف أن شبابنا هم صناع التغيير الحقيقي وبناة الغد، فهم القوة الدافعة نحو الاقتصاد الأخضر، يقودون الابتكار ويؤسسون الشركات الناشئة ويبتكرون تقنيات صديقة للمناخ، ومهمتنا كمؤسسات ومجتمعات ودول هي تمكينهم وفتح المجال أمامهم لاستثمار طاقاتهم الخلاقة لصنع مستقبل أكثر استدامة وشمولاً وعدالة.
رحلة فنلندا ونهج الإمارات في الاستدامة
وسعى ساولي نينيستو، الرئيس السابق لجمهورية فنلندا، إلى التأكيد على أن رحلة فنلندا نحو الاستدامة ترتبط بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2035، مؤكدًا أن التعاون الدولي هو السبيل لدفع أجندة الاقتصاد الأخضر قدمًا، وأن الركائز السبع لقمة الاقتصاد الأخضر 2025 تشكل إطاراً يتيح للابتكار إيجاد الحلول، وتوفر السياسات والتمويل أدوات التوسع، وتضمن العدالة والمرونة ومشاركة الشباب كي تكون الحلول منصفة وشاملة وموجهة نحو المستقبل.
نهج الإمارات الشامل في مواجهة التغير المناخي
وأشارت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، إلى ضرورة إعادة التفكير في المنظومة الاقتصادية وتبني حلول صديقة للمناخ تعزز النمو الاقتصادي طويل الأجل، وهو جوهر استراتيجية الحياد المناخي 2050 التي تجمع بين الطموح المناخي والرؤية التنموية. وتجمع الإمارات بين بناء أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، وتبوّؤ موقع رائد في الطاقة النووية السلمية في محطة براكة، وتحويل ملايين الأطنان من النفايات إلى طاقة في ورسان، مع توفير فرص اقتصادية جديدة عبر مبادرات محلية وعالمية لتعزيز الطاقة النظيفة. وأكدت أنه لا يمكن تحقيق الرؤية المستدامة دون إشراك المجتمع وتفعيل مبادرات محلية وتوحيد المساعي العالمية، مع إعداد جيل جديد من قادة العمل المناخي، وتوحيد الجهود بين القطاعات.
دور الشباب وبناء مستقبل المناخ
ومن جهة أخرى، تحدثت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان عن «من التغريد إلى التغيير»، مركِّزة على دور الشباب ومنصات التواصل الاجتماعي في مكافحة التغير المناخي والبيئة. أشارت إلى دراسة المجلس العربي للشباب عن التغير المناخي التي أظهرت أن نسبة الشباب العربي المهتمين بقضايا المناخ ارتفعت من 11% في 2008 إلى 68% في دراسة حديثة، ما يعكس وعياً وتفاعلاً متزايدين مع القضايا البيئية حول العالم.
7.9 تريليونات دولار حجم الاقتصاد الأخضر العالمي في الربع الأول، ووجود أكثر من 5 تريليونات دولار كإيرادات للمرة الأولى، ومرونة النمو المتوقعة، جميعها تشكل معاً دافعاً قوياً لدفع مسارات الابتكار والتمويل والاستدامة في إطار القمة وقيادة دبي لمكانة عالمية في مسارات الاقتصاد الأخضر.