أصبح تعدد المهام جزءاً من روتيننا اليومي، فنلاحظ التعامل مع البريد الإلكتروني أثناء الاجتماعات وكتابة الرسائل أثناء إعداد العشاء وتحضير الأطفال للمدارس. هذه العادات مرهقة وتعد طريقاً للنجاح المطلوب في كثير من الأحيان، غير أن الدراسات تشير إلى أن التبديل المتكرر بين المهام واستخدام الوسائط المتعددة قد يترك آثاراً سلبية على الصحة النفسية.
كيف يؤثر تعدد المهام على عمليات الدماغ؟
يواجه الدماغ صعوبات حين نحاول القيام بمهام عدة في وقت واحد، وتظهر هذه الصعوبات في ثلاثة محاور رئيسية. أولاً، تكون قدرة القشرة الجبهية المسؤولة عن الانتباه محدودة، فلا يمكنها معالجة مهمتين معقدتين في آن واحد، فيضطر الدماغ إلى التبديل السريع بينهما ما يضيع الوقت ويقلل الدقة. ثانيًا، يضعف الدماغ قدرته على تجاهل المشتتات، فتصبح مهمة التركيز أصعب وتزداد احتمالات الخطأ. وثالثاً، تتعرض الذاكرة العاملة لضغط كبير عند التبديل المستمر بين المهام، ما يجعل الاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها أكثر صعوبة وتظهر آثار ذلك في انخفاض الأداء في الاختبارات المعتمدة على الذاكرة.
هل يؤدي تعدد المهام إلى إتلاف الدماغ بشكل دائم؟
لا توجد حتى الآن أدلة قاطعة تدل على وجود تلف دماغي هيكلي دائم عند البالغين بسبب التعدد، إذ تسجل الدراسات فروقاً وظيفية في طريقة عمل الدماغ أثناء المهمات وليست إصابة دائمة. من جهة أخرى، قد تضع عادات التشتيت المستمر في الدماغ أثرًا سلبيًا مع مرور الوقت على التركيز العميق والعمل المعمّق، لذا أصبح من الضروري إجراء مزيد من الأبحاث الطويلة لمعرفة السبب والنتيجة قبل إعلان ضرر إدراكي دائم.
ماذا يحدث عند تعدد المهام؟
تشتت الانتباه المزمن الناجم عن التبديل المستمر بين السياقات يظهر عادة كإرهاق ذهني، واضطراب في النوم، وصعوبة في إتمام المهام، مع أنه لا يدمر الدماغ، لكنه يضعف عادات التركيز العميق ويؤثر سلباً على العمل والدراسة والمزاج مع مرور الوقت. يمكن تفادي ذلك بتقليل عدد مرات تبديل السياقات في الساعة، وتحديد فترات زمنية ثابتة، وتقليل الإشعارات، واستخدام الهاتف كأداة وليس كطلب مستمر. هذه التعديلات البسيطة في التنظيم تعزز القدرة على التركيز وتقلل الإرهاق الذهني.