تشير البيانات إلى أن السرطان لم يعد يقتصر على كبار السن فحسب بل ارتفعت الإصابات بين الأشخاص دون الخمسين عامًا بين 2010 و2019 في عدة أنواع مختلفة من السرطان.
وفي عام 2019 سُجلت نحو 4800 حالة إضافية من سرطان الثدي لدى البالغين الأصغر سنًا عالميًا، ويمتد الاتجاه نفسه إلى أنواع أخرى مثل سرطان القولون والمستقيم والكلى والبنكرياس والمعدة والخصية والرحم وغيرها.
ويُلاحظ أن هذه الارتفاعات بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، وتزداد في كل جيل لاحق، رغم أن كثيرًا من هذه السرطانات المبكرة لا تزال نادرة مقارنةً بتلك التي تصيب كبار السن.
عوامل نمط الحياة السيئة السبب وراء انتشار السرطان بين الشباب
يُشِير الباحثون إلى أن الاكتشاف المبكر يفسر جزءًا من الارتفاع، لكن التحولات البيئية ونمط الحياة قد تكون دافعة لهذا التغير، كما يظهر ما يُسمى بـ”تأثير المواليد” حيث تولد أشخاص في فترات محددة وتظهر لديهم معدلات أعلى للإصابة المبكرة بكل جيل لاحق يواجه مخاطر أكبر.
ويُشتبه في أن التغيرات في نمط الحياة مثل انخفاض النشاط البدني، والاستهلاك المتزايد للأطعمة المصنعة، والتعرض المستمر للبلاستيك والمواد الكيميائية، وقلة النوم، تسهم جميعها في زيادة المخاطر.
السمنة والنظام الغذائي
تشير أقوى الأدلة إلى أن السمنة وسوء التغذية سببان رئيسيان لانتشار السرطان بين الشباب، فمراجعة واسعة لحالات سرطان تشير إلى أن نسبة مرتبطة بالسمنة ارتفعت بين الشباب بين 1995 و2014، مع وجود ارتفاعات أكبر لدى الأجيال الشابة.
يشرح الدكتور شوجي كاو أن الآليات البيولوجية لا تزال قيد التحقيق، لكنها تشمل اضطراب التمثيل الغذائي، ومقاومة الأنسولين، وتغيرات في ميكروبيوم الأمعاء، والالتهاب المزمن.
للاخـتيار الغذائي دور أيضًا، إذ رُبطت العادات الغربية التي تكثر فيها اللحوم الحمراء والمصنعة والمشروبات السكرية والأطعمة فائقة التصنيع بنقص الفواكه والخضراوات بزيادة مخاطر سرطان القولون والمستقيم.
المرأة والتحولات الإنجابية
تواجه النساء عبئًا غير متناسب من الإصابة المبكرة بالسرطان، ويُعزى ذلك أساسًا إلى أن سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان شيوعًا، كما أن التغيرات الاجتماعية وتأخر الحمل وقلة عدد الأطفال تغيّر دورة الحماية الهرمونية وخلايا الثدي.
تشير الدراسات إلى أن فاصل الدورة بين البلوغ والحمل الأول يجعل الخلايا أكثر عرضة للتغيّرات الضارة، بينما الحمل والرضاعة الطبيعية يوفران دفاعات مناعية وإصلاحًا للحمض النووي في خلايا الثدي، وهو تأثير وقائي قد لا يظل موجودًا في أجيال لاحقة بسبب تغيّرات الأنماط الحياتية.
البيئة والميكروبات والجينوم
إلى جانب العادات اليومية، يتجه البحث نحو الجينات والميكروبات، وتظهر بيانات من أبحاث بكتيريا الأمعاء أن طفرات الكوليباكتين المرتبطة بسلالات معينة من الإشريكية القولونية أكثر شيوعًا لدى مرضى سرطان القولون والمستقيم لدى الشباب، وربما يعززها الدور الصناعي والنظام الغذائي واستخدام المضادات الحيوية في انتشار هذه البكتيريا.
طرق الوقاية من السرطان
تشير الأبحاث إلى أن الوراثة لها دور، لكن اتباع عادات نمط حياة صحية يمكن أن يحمي من السرطان خاصة بين الشباب دون سن الخمسين، مثل ممارسة النشاط البدني بانتظام، وتناول غذاء صحي غني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، وتجنب الأطعمة المصنعة، والحفاظ على عادات نوم صحية، وتجنب التدخين.