يواصل المستثمرون الأثرياء في دول مجلس التعاون الخليجي ضخ رؤوس أموالهم في سوق العقارات البريطانية، مع تركيز متزايد على العاصمة لندن التي تترسخ مكانتها كوجهة استثمارية عالمية مفضلة. جاء ذلك في أحدث تقرير صادر عن بنك الريان – أقدم بنك إسلامي في المملكة المتحدة والخاضع لتنظيم هيئة السلوك المالي – ضمن مقياسه الاستثماري السنوي لدول الخليج الذي يُعد مرجعاً لمتابعة اتجاهات واستثمارات المنطقة.
يقدم التقرير تحليلاً معمقاً لتوجهات مجتمع الاستثمارات العقارية الدولية في الخليج، مستنداً إلى استبيان شمل 150 مستثمراً فائق الثراء من السعودية والإمارات وقطر، يمتلك كل منهم أصولاً لا تقل عن 10 ملايين جنيه إسترليني، مع توزيع متوازن للعينة بين الدول الثلاث.
لندن تتصدر المشهد العالمي
كشف التقرير أن 29% من المستثمرين الخليجيين استثمروا في عقارات لندن خلال العام الماضي، متجاوزين مدناً عالمية مثل نيويورك وباريس (23%) ولوس أنجلوس (22%) وطوكيو (21%). كما أبدى 93% من المشاركين ثقة متزايدة بالسوق البريطاني، مدفوعة بخمسة تخفيضات في أسعار الفائدة من بنك إنجلترا، وانخفاض أسعار العقارات الفاخرة، ونقص المعروض السكني الذي ساهم في رفع عوائد الإيجار.
خطط توسعية وقطاعات واعدة
وأشار التقرير إلى أن 99% من المستثمرين الخليجيين يعتزمون زيادة استثماراتهم خلال السنوات الخمس المقبلة، مع تركيز واضح على قطاعات التجزئة (44%)، الضيافة والترفيه (36%)، وسكن الطلاب (34%). كما برزت الاستدامة كعامل رئيسي في قراراتهم، إذ أبدى 95% اهتماماً بالاستثمارات الصديقة للبيئة.
رؤى من إدارة بنك الريان
قال جايلز كانينغهام، الرئيس التنفيذي لبنك الريان:
“لا يُفاجئنا تصدّر لندن كوجهة مفضلة لمستثمري دول الخليج؛ فهي تجمع بين أسلوب حياة راقٍ وعوائد قوية. الروابط العميقة بين المملكة المتحدة ودول الخليج – القائمة على الثقة والقيم المشتركة – تظل عاملاً محورياً في تعزيز هذا التوجه الاستثماري المستدام.”
من جانبه، أوضح ميسم فضل، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في بنك الريان:
“قوة الاستثمارات الخليجية في المملكة المتحدة لا تقوم فقط على أساسيات السوق، بل على الثقة وجودة الخدمات التي يتلقاها المستثمرون. بنك الريان يواصل لعب دور محوري بفضل فهمه العميق لاحتياجات المستثمرين الخليجيين وتقديم حلول مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية.”
تباين في الثقة بالخدمات المالية
أظهر التقرير تفاوتاً في مستوى الثقة بالخدمات المالية البريطانية بين الدول الثلاث، إذ عبّر 78% من المستثمرين القطريين عن رضاهم عن الخدمات المتاحة، مقابل 52% في الإمارات و40% في السعودية، ما يعكس فرصة واضحة لتعزيز جودة الخدمات المالية الداعمة للاستثمار الخليجي.
اتجاهات جغرافية جديدة
ورغم أن وسط لندن ما يزال يستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمارات (38%)، فإن الاهتمام يتزايد بمناطق شرق لندن (36%)، الضواحي (33%)، وشمال لندن (29%)، مدفوعاً بمشاريع التجديد الحضري وتطوير شبكات النقل. كما حافظت ليفربول على مكانتها كأبرز وجهة استثمارية إقليمية للعام الثالث على التوالي، تلتها كارديف، برايتون، برمنغهام، وإدنبرة.
محركات الاستثمار
بيّن التقرير أن العوائد المرتفعة ونمو الإيجارات تشكل المحرك الرئيس لاستثمارات 57% من المستثمرين الخليجيين، تليها شروط الشراء المواتية (56%). كما صعدت الاستدامة البيئية إلى مقدمة أولوياتهم ضمن خطط الاستثمار المقبلة.
