أصيلة – حسام لبش
بعد مسيرة حافلة في السياسة والدبلوماسية، عاد الوزير والسفير المغربي السابق محمد سعد العلمي إلى عالم الأدب، بإصداره الجديد “الحلم في بطن الحوت”، مجموعة قصصية صدرت عن دار الأمان بالرباط، ووقّعها في مدينة أصيلة ضمن فعاليات الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والأربعين.
شهد حفل التوقيع، الذي احتضنه رواق محمد بن عيسى للفنون الجميلة في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، حضورًا لافتًا من شخصيات ثقافية وإعلامية وفنية، احتفوا جميعًا بعودة أحد رموز النخبة الفكرية المغربية إلى الكتابة بعد سنوات من الانشغال بالعمل العام.
وفاء للذاكرة وحنين للكتابة
المجموعة، التي قدّم لها الناقد نجيب العوفي، اعتبرها “وفاءً للذاكرة الإبداعية” للكاتب، إذ تضم نصوصًا كتبت في مراحل مختلفة من تاريخ المغرب، وتعكس — كما قال العوفي — “همومًا رافقت تحولات المجتمع المغربي في نصف قرن من الزمن”.
وقال العوفي في تقديمه: “تعرفنا على اسم محمد سعد العلمي منذ أواخر الستينيات ككاتب مبدع وإعلامي لامع في جريدة العلم، ورئيس لتحرير مجلة الهدف، ومناضل فاعل في حزب الاستقلال، في زمن كانت فيه الكلمة جزءًا من المعركة الوطنية.”
“الأدب يسحب الستار عن السياسة”
في كلمته خلال الحفل، كشف العلمي أن كتابة المجموعة لم تكن بنية النشر:
“حين كتبت قصصي، لم أفكر في إصدارها. الأدب كان يأتي في لحظات معينة ليسحب الستار عن المشاغل الأخرى التي كانت تأخذ وقتي وجهدي.”
وأضاف أنه بعد عودته إلى أوراقه القديمة اكتشف نصوصًا يمكن جمعها في كتاب، لكنه تردد قبل نشرها لأن “كل نص وُلد في زمن مختلف”، داعيًا القارئ إلى “قراءتها بما تستحق من محبة واستحضار لروح تلك الفترات”.
شهادات في حق الكاتب
من جهته، وصف حاتم البطيوي، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، العلمي بأنه “شخصية فذة ظلت وفية لقلمها رغم تقلدها مناصب قيادية في الصحافة والسياسة والدبلوماسية”.
وأضاف أن هذا الإصدار “قد يكون مقدمة لمذكراته السياسية المنتظرة، التي ستضيء جوانب من ذاكرة المغرب الحديث.”
أما الناقد شرف الدين ماجدولين، فاعتبر أن العلمي يجسد “تقاليد جيل من رجال الحركة الوطنية الذين جمعوا بين الفكر والنضال والعمل العام”، مؤكدا أن الصحافة بالنسبة له كانت “منبرًا للوعي قبل أن تكون مهنة”.
من السياسة إلى الأدب.. مسار غني
وُلد محمد سعد العلمي عام 1948 بشفشاون، وتخرّج في كلية الحقوق بالرباط، قبل أن يتابع دراساته العليا في الصحافة بالقاهرة، ويزاوج بين العمل الإعلامي والسياسي. شغل عضوية مجلس النواب لأكثر من ثلاثة عقود، وتقلّد مناصب وزارية، بينها وزير العلاقات مع البرلمان والوزير المنتدب لتحديث القطاعات العامة، كما تولى سفارة المغرب بالقاهرة بين 2013 و2016.
وتبقى تجربته، كما وصفها الحاضرون في أصيلة، “تجسيدًا حيًّا لمسار يجمع بين الفكر والسياسة، وبين القلم والدبلوماسية، وبين الوفاء للذاكرة والحنين إلى الحلم”.