رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

“خالد الساعي.. جناح الزرقة يحلّق في سماء أصيلة بين الحروف والصور”

شارك

أصيلة – حسام لبش

في فضاء رواق محمد بن عيسى للفنون الجميلة، بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في مدينة أصيلة، افتتح الفنان السوري خالد الساعي معرضه الفردي الأول بالمغرب، تحت عنوان “جناح الزرقة وشرفة المخيلة”، وذلك ضمن فعاليات الدورة الخريفية من موسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والأربعين.

يضم المعرض 35 عملاً فنياً تمثل خلاصة عقدين من التفاعل الإبداعي بين الفنان والمدينة التي صارت ملهمته الأولى، وأحد أهم المرافئ الروحية في مسيرته الفنية.

• عشق يتجسد بالألوان والحروف

منذ عشرين عاماً يواظب الساعي على الحضور إلى أصيلة، المدينة التي تحولت بالنسبة له إلى رمز للحب والذاكرة والتجدد. يقول عنها:

“هي ليست مجرد مدينة أو عمارة أو تاريخ.. إنها علاقة حب، التبست فيها المدينة بالمحبوبة، حتى غدت الأنثى والمدينة شيئاً واحداً في روحي.”

في أعماله الجديدة، يترجم الفنان هذا العشق بصيغ تشكيلية متحررة، توظف الحرف العربي في فضاء معماري بصري، يمزج بين الألوان المستقاة من جغرافية أصيلة ومناخاتها المائية، وبين موسيقى “الغناوة” وأهازيج المقاهي وأصوات الموج والناس والطيور.


• الحروف كعمران.. واللون كذاكرة

تتوزع أعمال المعرض بين القماش والورق، بتقنيات تتنوع بين الألوان المائية والأكريليك والباستيل، مع حضور لافت لتقنية الكولاج التي تمنح اللوحات عمقاً بصرياً ومجازياً.
في لوحة “خطى في القريقية” تتداخل الحروف مع عمران المدينة القديمة، بينما في “موسيقى الغناوة” تتحول الألوان إلى أنغام بصرية نابضة بالحركة والروح الأفريقية.
الحرف هنا ليس عنصراً زخرفياً، بل كائن بصري ومعماري وصوتي، يتماهى مع نسيج المدينة وأهلها وموروثها الروحي.

• نصوص بلا حدود

يشير الساعي إلى أن النصوص المدمجة في أعماله لا تعود لشاعر أو كاتب محدد، بل هي توليفة من نصوص متعددة، شكّلت ذاكرة شعرية مفتوحة للمدينة.

ففي كل لوحة، نصّ وثيمة وحكاية.. تارة تصف المدينة كـ”لؤلؤة في المحيط”، وتارة أخرى كمكان يتنفس الشعر والموسيقى والحلم.

• من الحروفية إلى العالمية

يمثل هذا المعرض إضافة نوعية لتجربة الحروفية العربية المعاصرة، حيث يواصل الساعي دفعها نحو آفاق أكثر انفتاحاً على مدارس الفن العالمي، دون أن يفقد جوهرها الروحي المتجذر في التراث العربي والإسلامي.

ويضم المعرض أيضاً عملاً بتقنية الفيديو إنستاليشن للفنان المغربي محمد بديع البوسوتي، يوثق فيه لمسيرة الساعي وجدارياته السابقة في أصيلة، ومنها جدارية “المغرب” تضامناً مع ضحايا زلزال الحوز، و**”ربيع المغرب”** و**”الموجة”** وغيرها.

• شهادات نقدية

في كتاب المعرض، كتب الناقد الإسباني خوسيه ميغيل بويرتا أن “فن الساعي متحرر من الترميز التقليدي، ومبني على عصرنةٍ دائمة، تمزج الشرق بالغرب في تجربة جمالية فريدة”.
أما الباحث المغربي بنيونس عميروش فاعتبره “من الفنانين العرب الذين نقلوا الحروفية إلى مصافّ التجارب التشكيلية الراهنة، محتفظاً بجوهر التراث، ومحمّلاً بحسّ مكاني وإنساني عميق”.


• حضور فني وإنساني

يقف خالد الساعي في “مشغل الفنون” بمدينة أصيلة محاطاً بزائريه ومحبيه، يتحدث عن لوحاته كما لو كان يسرد سيرة مدينة في قلبه، يلتقي فيها الجمال بالذاكرة، والحرف بالبحر، واللون بالإنسان.

مقالات ذات صلة