رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

بعد نجاح تجربتها على القرود المسنة، هل تشكل الخلايا الجذعية أملًا في شباب دائم؟

شارك

الخلايا الجذعية… مفتاح تجديد الجسد

تسعى الأبحاث منذ عقود إلى إرجاع الخلايا البشرية إلى حالتها الأولى من النقاء والقدرة اللامحدودة على الإصلاح، فتمثل الخلايا الجذعية ذاكرة الجسم البيولوجية التي يمكن أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا يحتاجه النسيج.

تشير الدراسات إلى أن هذه الخلايا، خاصة المستخلصة من دم الحبل السري والمشيمة، تتمتع بنشاط مرتفع لإنزيم التيلوميراز الذي يحافظ على أطراف الكروموسومات ويقل نشاطه مع التقدم في العمر.

تفتح هذه الحقيقة باب التفكير في استخدام الخلايا الجذعية كأداة لإعادة ضبط الساعة البيولوجية.

من التجارب إلى النجاح… القردة تشهد أولى خطوات التغيير

نفذ فريق من الأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة العاصمة الطبية تجربة استمرت نحو عام بحقن قرود سينومولجوس المسنة بنوع جديد من الخلايا يُعرف بالخلايا السلفية المتوسطة المقاومة للشيخوخة (SRCs).

طورت الخلايا هذه بعناية فائقة عبر إعادة برمجة جينية لجين FOXO3، وهو أحد المفاتيح المرتبطة بطول العمر.

أدهش الباحثون أن القردة لم تُظهر أعراض جانبية، بل بدأت تدريجيًا في استعادة نشاطها وعودة قدراتها الذهنية والجسدية وسلوكياتها الحيوية التي تراجعت مع تقدم العمر.

أجسام تتجدد وخلايا تستعيد شبابها

أظهرت عينات الأنسجة تغيرات جوهرية شملت أكثر من 60 نوعًا من الأنسجة الحيوية، منها الدماغ والعظام والجهاز التناسلي، فتصاعدت بنية العظام وتحسّنت التليفات وتراجعت ضمورات الدماغ، وتزايد نشاط الخلايا العصبية وارتفعت قدرتها على الاتصال.

وأكدت الساعات البيولوجية—وهي أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لقياس العمر الخلوي—أن الخلايا العصبية استعادت ما يعادل سبع سنوات من الشباب، فيما جُدّدت البويضات الأنثوية بما يقارب خمس سنوات.

كشف التحليل الدقيق للنتائج عن وجود جسيمات خارجية تسمى بالإكسوزومات، وهي مجهرية تطلقها SRCs وتحمل إشارات بيولوجية تنقل أوامر التجديد وتحمي الجينوم وتقلل الالتهاب وتحث إنتاج خلايا جديدة.

ولاحظ الباحثون أن اختبار هذه الجسيمات وحدها على فئران مسنة أدّى إلى انخفاض ملحوظ في تدهور الأعضاء وتجديد واضح للخلايا العصبية والكبدية، ما يشير إلى إمكانية اعتمادها كركيزة لعلاجات الشيخوخة المزمنة في المستقبل.

التطبيق الطبي والتخزين الذاتي

توفر المراكز المختصة خيار تخزين دم الحبل السري والمشيمة عند الولادة لاستخدامه لاحقًا في برامج تجديد الشباب والعلاج الوقائي، فاعتماد الخلايا الذاتية يمنح أمانًا مناعيًّا وتجنب أدوية مكلفة أو متبرعين.

الشباب البيولوجي والتأثيرات على الجسم

تؤكد النتائج أن العلاج بالخلايا الجذعية لا يقتصر على المظهر بل يعود بالنفع على أجهزة الجسم الداخلية؛ فتصاعد القدرة على التحمل وتوازن الهرمونات واستقرار المزاج وتعزيز المناعة، إضافة إلى زيادة النشاط الذهني والسرعة في رد الفعل وتحسن الذاكرة.

من يمكنه الاستفادة من الخلايا الجذعية

تتفاوت مواعيد الاستفادة من العلاج، فالصغار يمكنهم الخضوع كوقاية، بينما يستفيد كبار السن من علاج آثار العمر والتعب. ويستفيد النساء والرجال أيضًا من استخدام مستخلص المشيمة والخلايا الجذعية المخزنة عبر الحقن الوريدي أو العلاجات الموضعية، فهذه المستحضرات تساهم في تحسين البشرة وتنشيط الدورة الدموية واستعادة مرونة الأنسجة.

الطب والأبحاث الجديدة

تلتقي الأبحاث في الصين وأوروبا حول فكرة أن العمر لم يعد عائقًا أمام التجدد، فالعلم اليوم يمنح الإنسان أدوات لإعادة بناء خلاياه من الداخل وتحقيق حياة أكثر شبابًا وصحة أفضل. يصرح أحد العلماء بأن الباحثين يحاولون جعل الخلايا تذكر حالتها الشبابية قائلاً: “نحن نحاول أن نجعل الخلايا تتذكر كيف كانت في شبابها”.

مقالات ذات صلة