يرتبط التهاب العمود الفقري المزمن تاريخيًا باعتباره مرضًا رجوليًا في الأبحاث القديمة، لكن الواقع العلمي الحديث يكشف أن النساء يصبن به بمعدل يقارب الرجال وتختلف أعراضهن في شدتها ومواقع ظهورها، مما يجعل التشخيص أصعب وأطول أمدًا.
الأعراض عند النساء
تعاني النساء المصابات من طيف واسع من الأعراض قد يشبه التعب العام أو مشكلات العضلات، ما يسهّل الخلط بينه وبين مشكلات أخرى ويؤدي إلى تأخير التشخيص. من العلامات المبكرة ألمًا منتشرًا في أسفل الظهر أو الوركين وتيبس صباحي يستمر لساعات، إضافة إلى شعور مستمر بالإرهاق وضعف عضلي. قد يظهر التهاب في العينين مع احمرار مؤلم، وتورم في مفاصل اليدين أو الكاحلين، وتزداد حساسية الألم عند الضغط على مناطق مختلفة من الجسم. وتظهر الأبحاث أن النساء يُصبن بحالات مصاحبة مثل الصدفية والتهابات الأمعاء المزمنة، ما يزيد من حدة الأعراض ويعقّد التشخيص.
لماذا تختلف الأعراض بين الجنسين؟
تشير الدراسات إلى أن نمط المرض عند النساء يميل إلى الانتشار في المفاصل الصغيرة بشكل أبطأ، بينما يتركّز عند الرجال بصورة أوضح في الفقرات. وتوجد فروقات رئيسية تشمل بداية متأخرة للمرض، وألمًا يشمل مناطق متعددة من الجسم وليس محورًا واحدًا، وقلة التغيرات في الأشعة مقارنة بالرجال، وتفاوت الاستجابة العلاجيّة خاصةً مع الأدوية البيولوجية، وتأثير الهرمونات مثل الاستروجين على شدة الالتهاب، وتأخر التشخيص حيث تحتاج النساء عادة إلى مدة أطول للوصول إلى تشخيص صحيح، وربطًا بالمرض بوجود حالات أخرى مثل أمراض الأمعاء الالتهابية واضطرابات المناعة الذاتية.
تأثير المرض على صحة المرأة وحياتها اليومية
يتجاوز المرض الألم فحسب ليؤثر في النوم والطاقة والمزاج العام، كما قد يتغير النشاط البدني وتقل القدرة على ممارسة التمارين والعناية بالنفس كما في السابق. بالنسبة للخصوبة، لا تظهر الأبحاث أن الالتهاب يؤثر بشكل مباشر على احتمالية الحمل، لكن بعض الأدوية مثل مضادات الالتهاب أو الكورتيكوستيرويدات قد تؤثر على التبويض أو جودة البويضات، لذا يُفضل استشارة الطبيب قبل التخطيط للحمل. أثناء الحمل تتفاوت التجربة بين النساء؛ قد تتحسن الأعراض لدى بعضهن وتزداد لدى أخريات بسبب التغيرات الهرمونية والضغط الناتج عن نمو الجنين، خصوصًا في الأشهر الأخيرة.
صعوبات التشخيص عند السيدات
هناك سببان رئيسيان يجعل المرض أكثر غموضًا لدى النساء: الأعراض غير النمطية قد تبدو كألم في الكتفين أو الركبتين أو اليدين بدلًا من ألم الظهر الكلاسيكي، ما يدفع الأطباء للاعتقاد بأنها مشكلة عضلية أو هرمونية. إضافة إلى ذلك، قد لا تُظهر نتائج الأشعة المبكرة علامات الالتهاب العظمي بوضوح، فتصبح الحالة غير مُكتشفة أو مُسماه كإجهاد عضلي أو ألم عضلي عامًا، ما يؤدي إلى تأخير التشخيص وترك الالتهاب يتطور إلى مفاصل أخرى على مدى سنوات.
كيف يمكن إدارة المرض بفعالية؟
تُدار الحالة الجمع بين الدواء وممارسة الحركة وتبني عادات صحية. يجب الالتزام بتمارين الإطالة اليومية للحفاظ على مرونة العمود الفقري والمتابعة المنتظمة مع طبيب الروماتيزم، واستخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو الأدوية البيولوجية عند الحاجة. كما يجب التحكم في العوامل المحفزة مثل التدخين وقلة النوم والتوتر، وكذلك اتباع تغذية غنية بالأوميغا-3 للمساعدة في تقليل الالتهاب.