رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

منظمة الصحة العالمية: 115 مليون شخص في إقليم شرق المتوسط بحاجة إلى مساعدات إنسانية

شارك

انعقدت الدورة الـ72 للجنة الإقليمية لشرق المتوسط بمشاركة وزراء الصحة وأعضاء وفود رفيعي المستوى من 22 دولة، وممثلين عن المنظمات الشريكة والمجتمع المدني، وتستمر ثلاثة أيام في المكتب الإقليمي بمنظمة الصحة العالمية في القاهرة.

وذكرت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لشرق المتوسط، أن الإقليم يحظى بأعلى تركيز لحالات الطوارئ الإنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 115 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، أي نحو واحد من كل ستة أشخاص في الإقليم، كما يستضيف الإقليم نحو نصف النازحين داخلياً وأكثر من نصف اللاجئين على مستوى العالم.

وأشارت إلى أن الأزمات الإنسانية الكارثية في السودان وغزة، إضافة إلى حالات الطوارئ المطوَّلة في أفغانستان واليمن والصومال وسوريا، دفعت النظم الصحية إلى حافة الهاوية وتزايدت أعباء بعض الدول، بينما تراجع الدعم الإنساني الدولي، وهو ما يهدد المكاسب التي تحققت في مجالات الأمن الصحي ورصد الفاشيات ومكافحتها.

تغيرات في بيئة العمل وأثرها على التمويل

وأوضحت الدكتورة أنيت هاينزلمان، القائمة بأعمال مدير البرنامج الإقليمي للطوارئ، أن البيئة التي نعمل فيها تتغير نحو الأسوأ، ما يعيق إيصال المساعدات ويضعف احترام القانون الإنساني الدولي، كما أن مستوى التمويل الدولي وصل إلى حد الانخفاض الكارثي، ما يفاقم التحديات أمام منظومة المساعدة الإنسانية.

وأضافت أن خطة الاستجابة الإنسانية العالمية تعاني فجوة تمويل تصل إلى نحو 80%، وهو مستوى غير مسبوق في وقت ترتفع فيه الاحتياجات، ما يعني أن النظام الإنساني يمر بتغيرات في التمويل والآليات بينما تواصل المنظمة والجهات الشريكة العمل لتقليل آثار الأزمات رغم الضغوط الكبيرة، فالتقصير في العمل يكلف الأرواح.

على الرغم من هذه التحديات، حققت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها تقدماً ملحوظاً في الإقليم، إذ بقيت معدلات الوفيات في ثمانية من أصل تسع فاشيات الكوليرا ضمن المعايير الدولية، وبلغت معدلات الشفاء من سوء التغذية الحاد الوخيم لدى الأطفال المدخَلين إلى أكثر من 600 مركز إسعاف تدعمه المنظمة نحو 80%.

وفي غزة، تعد المنظمة أكبر مورد للأدوية والإمدادات الأساسية، حيث توفر الوقود والسلع الطبية لـ51 شريكاً في 32 مرفقاً وتتيح أكثر من 22 مليون علاج وجراحة منذ أكتوبر 2023، كما دعمت الإجلاء الطبي لمجموع 7,841 مريضاً، بينهم 5,405 أطفال.

وفي السودان، تواصل المنظمة دعم المستشفيات ومراكز الإسعاف المعنية بسوء تغذية الأطفال وتوزيع الأدوية الأساسية والمساعدة في احتواء فاشيات الكوليرا والحصبة وسط النزوح ونقص الغذاء، وتلقى أكثر من 17 مليون شخص لقاحات الكوليرا الفموية بين أغسطس 2024 وأغسطس 2025 بعد أن تمكنت من الوصول إليهم، وتظل الجهة الوحيدة التي تمد مراكز الإسعاف التي تعالج سوء التغذية الوخيم بالمساعدة، وتدعم علاج نحو 30 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الوخيم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025.

وفي أفغانستان، وبعد زلزال أغسطس، أرسلت المنظمة فرق استجابة سريعة خلال 24 ساعة، وسلمت أكثر من 52 طناً من الإمدادات الطبية، وجرى تقديم نحو 13 ألفاستشارة خلال أيام قليلة.

وأكدت الدكتورة حنان بلخي أن العمل الذي تقوم به منظمة الصحة العالمية وشركاؤها ضروري لحماية الأمن الصحي وإنقاذ الأرواح يومياً، فبدونه ستكون مستويات الوفاة والمرض أعلى بكثير، وأن برنامج الطوارئ هو من أكثر مجالات المنظمة تضرراً من تقليل التمويل، ونشدد على ضرورة دعمكم للحفاظ على قدرتنا على تلبية الاحتياجات العاجلة.

وأقرت الدول الأعضاء بأن الأمن الصحي مسؤولية جماعية تتطلب مزيداً من الاستثمارات في التأهّب والجاهزية والمرونة والتعاون عبر الحدود وتبادل المعلومات، مشيرة إلى أن الطوارئ الصحية لا تصيب فقط في حينها بل تهدد أيضاً المكاسب التنموية على المدى الطويل. كما راجعت الاجتماعات أهمية التمويل المستدام الذي يمكن التنبؤ به كعنصر أساسي للتأهب والاستجابة، مع التوكيد على صندوق الطوارئ الاحتياطي كآلية حيوية تتيح اتخاذ إجراءات فورية عند الأزمات.

وخاطبت الدكتورة أنيت هاينزلمان الدول الأعضاء والوفود بأن مناشدتنا بسيطة لكنها عاجلة: أن يواصلوا دعم القدرة على الاستجابة للطوارئ، وأن يتم تخصيص التمويل لحماية وظائف المنظمة والدول الأعضاء في إدارة الطوارئ، وأن يكونوا إلى جانب حماية الرعاية الصحية ودعم مبادئ الإنسانية والقانون الإنساني الدولي. ومع اكتمال صيغة اتفاق مكافحة الجوائح، فسنواصل معًا الاستعداد للتحدي العالمي المقبل، فالمعرفة المسبقة والتأهّب ليست تكلفة وإنما استثمار في السلام والاستقرار وفي حياة شعوبنا.

مقالات ذات صلة