تشير التوقعات الواردة في التقرير إلى أن أربع تقنيات ناشئة مهيأة لإعادة تشكيل أسواق العمل العالمية وإحداث تحول في نحو 80% من القوى العاملة عالمياً عبر قطاعات الزراعة والتصنيع والبناء وتجارة الجملة والتجزئة والنقل واللوجستيات والأعمال والإدارة والرعاية الصحية.
وتشمل هذه التقنيات الذكاء الاصطناعي بأنواعه، والروبوتات والأنظمة المستقلة، وتكنولوجيات توليد وتخزين الطاقة، وشبكات الاستشعار، وتفتح هذه التحولات باباً لفرص إنتاجية غير مسبوقة بينما تثير مخاوف من تفاقم فجوات عدم المساواة وفقدان الوظائف إذا لم تُدار بشكل فعال.
أبرز التقنيات وآثارها
أولها الذكاء الاصطناعي بمختلف أشكاله، إذ من المتوقع أن يعيد تعريف المهارات المطلوبة في جميع القطاعات.
ثانياً الروبوتات والأنظمة المستقلة، التي انخفضت تكلفتها بنسبة نحو 40% خلال العامين الأخيرين وتسرّع اعتمادها في التصنيع والخدمات اللوجستية.
ثالثاً تكنولوجيا الطاقة التي تشمل توليد وتخزين الطاقة، حيث يتوقع 41% من أصحاب العمل أن تكون لها تأثير تحويلي في بيئات العمل والصناعات الثقيلة.
رابعاً شبكات الاستشعار، فتركّز على فجوة رقمية كبيرة بين المناطق إذ تصل نسبة الوصول إلى الإنترنت إلى 91% في أوروبا مقابل 38% فقط في إفريقيا.
الفجوة وعدم الاتساق في التأثير
لا يكون أثر هذه التكنولوجيات متساوياً بين القطاعات والدول، وفق بيانات منظمة العمل الدولية.
تمثل الزراعة 25% من إجمالي القوى العاملة عالمياً، وتبلغ 57% في الدول منخفضة الدخل مقابل 3% فقط في الدول الغنية.
يمكن أن ترتفع الإنتاجية بفضل الزراعة الدقيقة والطائرات من دون طيار، لكن ضعف القدرات الاستثمارية لدى صغار المزارعين قد يعمّق الفجوة بين الاقتصادات.
وفي التصنيع، الذي يشكل 14% من العمالة العالمية، يؤدي دمج الذكاء الاصطناعي مع الروبوتات مانند أنظمة المراقبة البصرية الذكية إلى نقل الوظائف إلى أدوار تتطلب مهارات أعلى، ما يعزز الكفاءة ويقلل الأخطاء، لكنه قد يقلّص الطلب على العمالة التقليدية في بعض المناطق.
دور داعم للقطاعات الحيوية
رغم أن قطاع الرعاية الصحية لا يمثل سوى 3% من العمالة العالمية، إلا أنه يصل إلى 10% في الدول المتقدمة، ومع نقص الكوادر الصحية يرى التقرير أن التكنولوجيا ستلعب دوراً داعماً من خلال أتمتة المهام الإدارية وتوسيع نطاق التشخيص والعلاج عن بُعد لتلبية الطلب المتزايد.
الأعمال والإدارة
يشكل قطاع الأعمال والإدارة نحو 7% من القوى العاملة العالمية، وهو الأكثر غموضاً في مسار التحول، إذ يمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعي أتمتة المهام المكتبية مثل المحاسبة وإدخال البيانات.
ويعتمد التأثير النهائي لهذا المجال على الخيارات الاستراتيجية التي تتخذها الشركات والمطورون، بين رفع الإنتاجية أو تقليل الوظائف.
التعاون والإجراءات الأساسية للمستقبل
يدعو التقرير إلى التعاون بين أصحاب العمل والحكومات ومطوري التكنولوجيا لتعظيم فوائد التحولات المقبلة، وتبني خطوات أساسية اليوم لبناء قوة عاملة عالمية أكثر إنتاجية وشمولاً.
وتشمل هذه الخطوات تمكين الاستثمارات التكنولوجية وتسهيل انتشارها، وتسهيل هياكل السوق الفعالة والداعمة، وفهم الأهداف الاستراتيجية للقوى العاملة من وجهة نظر أصحاب العمل، وفهم إمكانات القوى العاملة المعززة بالتكنولوجيا.
التحديات التنظيمية والتمويل والفرص التالية
في حين تحتاج قطاعات مثل الزراعة والبناء إلى تمويل أكبر لنشر التكنولوجيا، تتطلب قطاعات أخرى مثل النقل والتجارة إطاراً تنظيمياً يضمن عدالة المنصات الرقمية وتكافؤ الفرص.
المسار المستقبلي للمجلس 2025-2026
سيُركّز المجلس العالمي للمستقبل حول الوظائف والتكنولوجيا المتقدمة خلال 2025-2026 على تقييم كيفية ضمان إتاحة التطور التكنولوجي لوظائف ذات إنتاجية أعلى وتحديد إجراءات محددة لأصحاب المصلحة، وسيواصل تقديم توصيات عملية لمساعدة صناع القرار على توجيه التحولات نحو تعزيز الإنتاجية وحماية فرص العمل.