استضافت وزارة الاقتصاد والسياحة قمة الإمارات وأفريقيا للاستثمار السياحي لعام 2025 في دبي تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وبشعار بناء جسور من أجل النمو المستدام. وشهدت القمة مشاركة واسعة ضمت أكثر من 350 شخصية من القادة والوزراء وكبار المسؤولين وصناع القرار، إضافة إلى المستثمرين ورواد الأعمال من دولة الإمارات و53 دولة إفريقية.
وتُعقد القمة ضمن فعاليات «القمة العالمية لمستقبل الضيافة 2025» وبالتعاون مع شركة ذا بينش، وشارك فيها معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد والسياحة رئيس مجلس الإمارات للسياحة، إلى جانب وزراء ومسؤولين كبار من أفريقيا مثل مارسيو دي جيسوس لوبيز دانييل وزير السياحة الأنغولي، وأمادو با وزير الثقافة والحرف اليدوية والسياحة في السنغال، ورودني سيكومبا وزير السياحة والفنون في زامبيا، وباتريشيا دي ليل، ووزيرات وباحثات ومسؤولين كبار آخرين.
جسر للتواصل
وقال معالي عبدالله بن طوق المري في كلمته الافتتاحية: انطلاقاً من الرؤية الحكيمة لقيادتنا، جعلت الإمارات السياحة جسراً للتواصل بين الشعوب والثقافات من مختلف أنحاء العالم، ورافداً رئيسياً لجذب الاستثمارات وتعزيز النمو والتنافسية للاقتصاد الوطني، ومصدراً للفخر والاعتزاز بإنجازات وطنية رفيعة المستوى.
وأضاف أن الإمارات قدمت نموذجاً استثنائياً لتطوير وتنمية قطاعها السياحي من خلال نقلات نوعية في السياسات والبنى التحتية السياحية وتبني مبادرات وطنية ريادية، إضافة إلى تدشين مطارات جديدة وتوسيع شبكة خطوط الطيران وتعزيز التنقل الداخلي وتوفير خدمات سياحية عالية الجودة، ما أسهم في ترسيخ مكانة الإمارات كوجهة عالمية رائدة في السياحة.
انطلاقة جديدة
وأشار إلى أن الإمارات تواصل دورها شريكاً تنموياً فعالاً في القارة الأفريقية عبر دعم مسارات النمو الاقتصادي والسياحة المستدامة. وتأتي استضافة القمة تجسيداً لالتزام الإمارات بتعزيز حضورها الاستثماري في الأسواق الأفريقية وبناء شراكات مثمرة مع الشركاء في الحكومات والقطاع الخاص، كما تمثل خطوة انطلاق جديدة لتعزيز الشراكة الاقتصادية والسياحية بين الإمارات وأفريقيا.
وأوضح أن الشركات الإماراتية استثمرت بقيمة أكثر من 110 مليارات دولار في مشاريع جديدة في أفريقيا بين 2019 و2023، ما وضع الإمارات ضمن قائمة أكبر أربعة مستثمرين عالميين في أفريقيا، إضافة إلى استثمارات في الطاقة المتجددة والمناطق السياحية وممرات الخدمات اللوجستية والبنى التحتية الرقمية. وتؤكّد هذه الاستثمارات رؤية الإمارات بأن التنمية المستدامة في أفريقيا ضرورة للنمو العالمي والاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
بوابة للاستثمارات
وركزت القمة على أن السياحة أحد المحركات الأساسية للتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، فهي تتجاوز كونها نشاطاً ترفيهياً لتوفر فرص عمل وتدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الدول. وفي أفريقيا، كان القطاع السياحي قبل الجائحة يوفر أكثر من 22 مليون وظيفة ويُسهم بنحو 180 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي، وتوقّعت تقديرات أن تضيف صناعة السياحة والسفر نحو 168 مليار دولار إلى اقتصاد القارة وتخلق أكثر من 18 مليون وظيفة خلال العقد المقبل، وهو ما يبرز إمكانات القطاع في دعم التنمية المستدامة.
وذكر بأن أفريقيا تمتلك مقومات سياحية غنية تشمل المنتجعات الساحلية والشواطئ الخلابة والمواقع التراثية والثقافية والتاريخية، وتوفر هذه المقومات فرصاً واسعة لمجتمع الأعمال الإماراتي للاستثمار والتوسع في الأنشطة السياحية المتنوعة، مع الحرص على تحويل الأفكار إلى مشاريع وشراكات سياحية ملموسة ومستدامة تخدم مستقبل التنمية في القارة.
وأشار إلى أن حركة الطيران بين الإمارات وأفريقيا تشهد نمواً ملحوظاً، حيث بلغ إجمالي الرحلات الأسبوعية نحو 550 رحلة تشغلها شركات طيران إماراتية وأفريقية، ما يجعل شبكات النقل الجوي جسراً حيوياً يعزز التعاون في مجال النقل والسياحة والخدمات اللوجستية.
ولفت إلى أن حجم الاستثمارات السياحية التي جذبتها الدولة بلغ 28.8 مليار درهم في 2023، وارتفع إلى 32.2 مليار درهم في 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 35.2 مليار درهم في 2025، الأمر الذي يعكس رؤية الإمارات في بناء قطاع سياحي متكامل ومستدام.
رؤية استثمارية مستدامة
وتهدف القمة إلى صياغة رؤية استثمارية مستدامة تربط الإمارات وأفريقيا في مختلف الأنشطة والمشاريع السياحية، وتساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين الجانبين إلى مستويات أوسع، كما تبرز الالتزام المشترك بتعزيز السياحة المستدامة وبناء شراكات جديدة في كل المجالات ذات الاهتمام المتبادل.
مجالات الاستثمار
وناقشت القمة الفرص الاستثمارية الرئيسية للشركات الإماراتية في الأسواق الأفريقية، بما في ذلك تطوير البنية التحتية السياحية، إنشاء المنتجعات الساحلية والفنادق، وتطوير مشاريع الترفيه والمدن السياحية الناشئة، إضافة إلى المشاركة في مشاريع السياحة الخضراء والمستدامة، لا سيما المنتجعات العاملة بالطاقة المتجددة. كما تناولت فرص ضخ الاستثمارات الإماراتية في شركات الطيران الإقليمي وشبكات النقل الحضري ومنصات الحجز الإلكتروني وخدمات التكنولوجيا المالية المخصصة للسياحة.
وعرضت القمة أيضاً فرص الاستثمار في السياحة الإماراتية الأفريقية في مجالات سياحة الأعمال والمراكز والفعاليات الثقافية والفنادق الفاخرة والضيافة، إضافة إلى السياحة البيئية والمناطق المحمية والمشروعات المتعلقة بالترفيه العائلي والحدائق الترفيهية والسياحة العافية والتراث. وتحدثت الشيخة ناصر النويس، الأمين العام المنتخب لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة للفترة من 2026 حتى 2029، عن مقومات القارة الأفريقية ومقدراتها السياحية، وأكدت أهمية وجود رؤى واستراتيجيات فاعلة لتعزيز الربط والتمويل وتطوير البنى التحتية والسياحة عبر كوادرها البشرية، مع عرضها لرؤية تُسهم في دفع السياحة العالمية خاصة في أفريقيا وتدعم نمو المجتمعات المحلية.
جلسات نقاشية موسعة
شهدت جلسات القمة نقاشات مثمرة حول مستقبل السياحة في الإمارات وأفريقيا، وأتاحت منصة لتبادل الرؤى والخبرات حول تسريع التحول السياحي وتطوير نماذج شراكة فعّالة بين الحكومات والقطاع الخاص، إضافة إلى تعزيز الابتكار في خدمات الضيافة والسفر وبناء منظومات سياحية مستدامة تدعم النمو الاقتصادي، كما ركزت على فرص التعاون بين القطاعين العام والخاص في النقل والتكنولوجيا المالية الخاصة بالسياحة.
ووفق بيانات 2024، استقبلت أفريقيا نحو 74 مليون سائح، بزيادة 12% عن 2023، وهو ما يمثل نحو 5.3% من إجمالي الرحلات الدولية التي بلغت نحو 1.4 مليار رحلة، ما يعزز مكانة القارة كوجهة استثمارية جاذبة للسياحة الإماراتية.
وتأكيداً لما قاله في كلمته، عبّر عبدالله بن طوق عن أن الإمارات جعلت السياحة جسراً للتواصل بين الشعوب والثقافات ومحركاً لجذب الاستثمارات، وأن القمة تشكل نقطة انطلاق جديدة لتعزيز الشراكة الاقتصادية والسياحية بين الإمارات وأفريقيا، مع الإشارة إلى أن الإمارات تعد من أكبر المستثمرين العالميين في مشاريع جديدة في أفريقيا خلال 2019–2023 بنحو 110 مليارات دولار، وأن حركة النقل الجوي تُسهم في ربط الجانبين عبر نحو 550 رحلة أسبوعياً.








