رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

مؤتمر الإمارات الصحفي الدولي يرسم خارطة شاملة للمنجز الوطني وملامح التوجهات الحكومية لترسيخ ريادة الإمارات عالمياً

شارك

انطلق مؤتمر الإمارات الصحفي الدولي للمرة الأولى ضمن الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات بمشاركة عدد من أصحاب المعالي الوزراء وحضور يتجاوز 200 صحفي وإعلامي يمثلون وسائل محلية وإقليمية وعالمية كبرى. كان المؤتمر جلسة حوارية مفتوحة بين الحكومة ووسائل الإعلام تسلط الضوء على أبرز المستجدات والتوجهات والإنجازات الحكومية في قطاعات حيوية وملفات وطنية، كما مثل إطلالة شاملة على مجالات رئيسية تتعلق بالاستثمار والطاقة والذكاء الاصطناعي والمساعدات الخارجية وخطط الإمارات الاقتصادية واستراتيجياتها بهدف ترسيخ الريادة العالمية.

ويعبّر المؤتمر عن رؤية حكومة الإمارات في تطوير منظومة إعلامية وطنية متكاملة تواكب التغيرات العالمية وتلبي تطلعات المجتمع الإماراتي، وفق منهج يعتنق الحوار والشفافية وتبني شراكات راسخة مع كبريات المؤسسات الإعلامية محلياً وإقليمياً وعالمياً، بهدف إبراز قصة نجاح الإمارات في الاقتصاد والتنمية المستدامة والقوة الناعمة والحضارة الإنسانية وبناء السلام والتعاون الدولي ومبادراتها في مساعدة الدول الأكثر احتياجاً.

وأكد معالي محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، أن «مؤتمر الإمارات الصحفي الدولي» يهدف إلى تعزيز الشفافية والتواصل مع وسائل الإعلام، وأن الإمارات اليوم دولة عالمية ومحطة اقتصادية رئيسية ومحل اهتمام قادة الرأي وصناع القرار، وأنه من المهم نقل التوجهات واستعراض حصيلة الأعمال ومشاريع الاقتصاد والاستثمار والعمل الحكومي والتكنولوجيا والتعاون الدولي. وذكر أن الإمارات لديها ثوابت توجّه أجندتها وسياساتها وتفهم هذه الثوابت عند تحليل أي قرار.

أوضح أن الثابت الأول هو الانفتاح الاقتصادي، إذ تبنت الإمارات الانفتاح منذ تأسيسها لاستقطاب العقول والمواهب وجذب الاستثمارات وبناء شراكات عالمية، وهو مقوّم رئيسي في تنويع الاقتصاد. وأشار إلى أن مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 77.5% في النصف الأول من 2025، وبهدف 80% بحلول 2031، وتوقعات بنمو التجارة الخارجية غير النفطية ليصل إلى 68 تريليون درهم في 2035. كما أكد أن الانفتاح الاقتصادي ليس خياراً مؤقتاً بل عهد مستمر للخمسين عاماً المقبلة، وأن الإمارات ستبقى بوابة الفرص وعاصمة الثقة ومركز المستقبل.

وذكر الثابت الثاني وهو «العلاقات السياسية المتوازنة»، حيث تقود الإمارات علاقات دولية متوازنة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب قائمة على المصالح المتبادلة والتنمية الاقتصادية المشتركة. وبحسبه، وقعنا اتفاقيات اقتصادية وشراكات شاملة مع 32 دولة في الثلاث سنوات الأخيرة، وارتفع معدل نمو التجارة الخارجية غير النفطية بنسبة 24.5% في النصف الأول من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأكد أن القيادة ستواصل ترسيخ علاقات متوازنة ومستقرة وفق نهج الانفتاح والتعاون مع الجميع، وتبقى الإمارات إلى جانب المستقبل والازدهار والسلام.

وتناول الثابت الثالث وهو «المرونة في عمل الحكومة»، حيث أصبحت المرونة جزءاً من هوية العمل الحكومي، والقرار يعتمد على مواكبة المتغيرات والتكيّف مع المستجدات الاقتصادية والتكنولوجية. وذكر أن تطبيقات القانون الاتحادي سمحت بتملك الأجانب 100% من الشركات، فارتفع عدد الشركات في خمس سنوات بنسبة 235% ليصل إلى أكثر من 1.3 مليون شركة بنهاية النصف الأول من هذا العام. وأشار إلى أن تحديث 80% من التشريعات خلال السنوات الثلاث الماضية أدى إلى قفزات تنموية، وأن القرارات في الإمارات تتسم بسرعة التنفيذ والدقة في التوقيت والوضوح في الهدف.

وذكَر الثابت الرابع وهو «التكنولوجيا محرّك أساسي للتنمية والتقدم»، حيث أصبحت التكنولوجيا ركيزة أساسية لبناء الاقتصاد وتطوير التعليم وتحسين جودة الحياة. وأشار إلى أن الإمارات وضعت الذكاء الاصطناعي ضمن مناهجها من الصف الأول حتى الصف الثاني عشر، وتصدّرت عالمياً في تبني الذكاء الاصطناعي في مكان العمل وفق تقارير دولية. كما أشار إلى إطلاق مشروع ستارجيت ومشاريع أخرى، وأن القيادة وجهت بأن نواكِب الثورة التقنية ونقودها لا أن ننتظرها فقط، ونكون في قلب تصميم المستقبل وصناعته.

وتطرق إلى الثابت الخامس وهو «الإنسان محور التنمية وغايتها»، مؤكداً أن مؤشرات الصحة والتعليم والإسكان ومعدلات الدخل تعكس نجاح السياسات الإسكانية وتوفير المساكن للمواطنين، وأن الإمارات من الدول الرائدة في متوسط العمر المتوقع وجودة الرعاية والصحة العامة، وتحتل مكانة رائدة في التعليم واحتلال المراكز العليا في رأس المال البشري. وتحدث عن رؤية «نحن الإمارات 2031» التي حققت 67% من أهدافها منذ إطلاقها، موضحاً أن هدف السياسة هو الإنسان وبناء أفضل حياة للبشر على أرض الإمارات.

وفي سياق الدور الإقليمي، أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن الإمارات تلعب دوراً مؤثراً إقليماً وعالمياً من خلال التعامل الواقعي والمرن مع المستجدات وتبادل التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة. وأشار إلى تعزيز الاستقلال الاستراتيجي من خلال مد جسور التعاون والعمل ضمن شراكات مع الدول الصديقة، وتأكيد جهود الإمارات في تعزيز السلام والاستقرار من خلال دعم التنمية المستدامة وترسيخ قيم التسامح والحوار والتعايش كعنصر أساسي في الهوية الإماراتية. وأوضح أن الإمارات مستمرة في ترسيخ مكانتها كطرف مؤثر في حلول دولية مشتركة لمواجهة التحديات العالمية، وأن القيادة الرشيدة تمتلك رؤية وتوجيهات واضحة لاستمرار الحضور الدولي على المستويات المحلية والعالمية بما يجعل الإمارات محوراً رئيسياً في تشكيل مستقبل المنطقة والعالم.

وأكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الاتجاه إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في الاحتياجات الأساسية ورفع مساهمة الصناعة في الناتج الإجمالي وضمان استدامة سلاسل التوريد وتحسين منظومة الجودة وتسريع تبنّي التكنولوجيا المتقدمة. وأشار إلى ارتفاع مساهمة الصناعة في الاقتصاد الوطني إلى 190 مليار درهم ونمو الصادرات الصناعية إلى 197 مليار درهم، وذلك بفضل الرؤية والقيادة ومزايا الإمارات التنظيمية والقوانين التي تحمي المستثمرين وتدعم النمو الصناعي، إضافة إلى الشراكات مع الحكومة والقطاع الخاص والمستثمرين. وتحدث عن برنامج المحتوى الوطني (ICV) الذي ركز على إعادة توجيه الإنفاق إلى الاقتصاد الوطني وارتفاع الإنفاق إلى 110 مليارات درهم في 2024 بنمو 244% مقارنة بعام 2020، كما ارتفع عدد المواطنين العاملين في الشركات الخاصة إلى 22 ألف إماراتي بنمو 260%. وذكر مساهمة أذكى الشركاء مثل أدنوك وإنتاج الرويا والشراكات مع تعزيز وشركاء مثل الرويس الصناعي، واطلاع الإمارات على قفزات نوعية عبر الشراكات الصناعية التكاملية مع البحرين والأردن ومصر وقطر وتركيا والمغرب التي أعلنت عن مشاريع مشتركة بقيمة 5 مليارات دولار في كيماويات ومعادن وصناعات دوائية. كما أشار إلى أن الإمارات حقّقت تقدمات في مؤشر الأداء الصناعي التنافسي وتبوأت مكانة عالمية رائدة، وأنها تأسست على منظومة مواصفات ومقاييس إماراتية معتمدة وتسجيل أكثر من 28 ألف مواصفة وطنية و120 مختبراً وفق أفضل الممارسات الدولية. كما أشار إلى منصة «اصنع في الإمارات» التي أصبحت برنامجاً وطنياً جامعاً يجمع المستثمرين والمصنعين ورواد الأعمال، وذكر أن أكثر من 4800 منتج يمكن تصنيعه محلياً بقيمة 168 مليار درهم، وتوفير حلول تمويلية بقيمة 40 مليار درهم لعقد العشر سنوات المقبلة، كما شهدت الدورة الأخيرة مشاركة 720 شركة وحضوراً بلغ 122 ألف زائر. وتابع بأن الإمارات تتقدم بثبات للتحول إلى مركز للصناعات المستقبلية والتصدير إلى العالم من خلال منظومة إنتاج وسلاسل إمداد متكاملة.

نهج ثابت في السياسة الخارجية والإنسانية

أكدت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، أن الإمارات تبنت نهجاً ثابتاً في سياستها الخارجية يقوم على الشراكة والتعاون والتضامن الإنساني، مستمدة ذلك من إرث الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي آمن بأن الخير ما نمنحه وليس ما نمتلكه وأن كرامة الإنسان لا تقبل التجزئة. وأشارت إلى أن الإمارات قدمت أكثر من 370 ملياراً من الدعم الدولي ليصل إلى أكثر من مليار إنسان حول العالم، وتؤكد أن الدعم يحمل بصمة أمل وفرصة لتغيير حياة البشر. وفي غزة تجسد الإنسانية الإماراتية بشكل واضح، حيث أُطلقت عملية الفارس الشهم 3 وبلغت المساعدات أكثر من 9.4 مليار درهم، وأرسلت الإمارات أكثر من 100 ألف طن من الإمدادات و2 مليون جالون من المياه، وأجلت 2961 مريضاً للعلاج في الإمارات. كما أضيف أن الإمارات خصصت نحو 3 مليارات درهم خلال العامين الماضيين لدعم الشعب السوداني، وتستمر في الوقوف إلى جانب السودان ودول الجوار المستقبلة للنازحين بالشراكة مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. كما ذُكِرت مساهمات في اليمن بقيمة 26.1 مليار درهم، وجهود وساطة في أوكرانيا أسهمت في تبادل أكثر من 4600 أسير وتقديم مساعدات وشحنات، إضافة إلى دعم أوكرانيا بمبالغ مالية. وتطرقت معاليها إلى الدور الإنساني الإماراتي في أفغانستان بتأسيس عيادات أمومة، وتقديم 700 مليون جرعة تطعيم ضد شلل الأطفال في باكستان.

وأوضح معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة، أن الإمارات تواصل ترسيخ صدارتها في المؤشرات الدولية حيث حلت في المرتبة الأولى عالمياً في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2024-2025، وتصدرت صفقات رأس المال الجريء في المنطقة وفق تقارير عدة، واحتلت المركز الخامس في مؤشر التنافسية العالمية 2025 والمركز الحادي عشر عالمياً في مؤشر التنافسية الرقمية، كما وردت أسماء 32 شركة إماراتية ضمن قائمة فوربس الشرق الأوسط لأقوى 100 شركة عائلية عربية لعام 2025. وأشار إلى أن عدد العلامات التجارية المسجلة محلياً ودولياً بلغ 402,311 علامة حتى نهاية سبتمبر 2025، فيما سجلت النصف الأول من 2025 19,957 علامة جديدة بنسبة نمو 129% مقارنة بالنصف الأول من 2024. كما شهد عام 2024 زيادة في إجمالي طلبات تسجيل العلامات التجارية الوطنية والدولية إلى 33,874، وتضاعف عدد العلامات المسجلة خلال العام نفسه إلى 31,535 علامة. وفي مجال الملكية الفكرية بلغ عدد المصنفات المسجلة في 2024 نحو 2,763 مقارنة بـ 2,143 في 2023، وارتفع عدد طلبات براءات الاختراع وشهادات المنفعة إلى 3,622 طلباً في 2024. وتطرق إلى قطاع الضيافة والسياحة حيث استقبلت المنشآت الفندقية في النصف الأول من العام الحالي أكثر من 16.1 مليون نزيل بنمو 5.5%، وارتفعت ليالي الإقامة 7.3% إلى 56 مليون ليلة، ومتوسط الإقامة 3.5 ليال، وبوجود 1243 منشأة فندقية و216 ألف غرفة، كما ارتفعت الإيرادات إلى 26.1 مليار درهم بنمو 6.3% وبلغ معدل الإشغال 80.5%. وزادت مساهمة قطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي إلى 257.3 مليار درهم، تمثل 13% من الاقتصاد الوطني وبنمو 3.2% عن 2023.

الذكاء الاصطناعي وتنمية الاقتصاد الرقمي

أعلن معالي عمر سلطان العلماء، وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، عن إطلاق حزمة مشاريع ومبادرات لدعم ريادة الإمارات في الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي ضمن مسارها لتثبيت موقعها كقائدة عالمياً في التقنيات المستقبلية وتسريع التحول نحو اقتصاد معرفي يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة. وتشمل الحزمة مبادرات منها «ابتكارات التجارب التقنية» و«مؤشر AI في الميدان» ومبادرات الاقتصاد الرقمي مثل منصة «الأكاديمية الرقمية» و«المنصة الوطنية لفرص عمل الاقتصاد الرقمي» ونظاماً تحفيزياً لشركات الاقتصاد الرقمي ومبادرة «المدير التقني للاقتصاد الرقمي». وأكد أن الحكومة تواصل ترسيخ مكانة الإمارات كقائد عالمي في تبنّي وتطوير تكنولوجيا المستقبل وخدمة الإنسان والمجتمع، وتستهدف تسريع التحول الرقمي وتعزيز منظومة الابتكار وتنافسية الدولة. كما كشف عن نتائج دراسة المنظومة الوطنية للحوسبة عالية الأداء التي أشارت إلى أن 44% من المشاركين يمتلكون أنظمة حوسبة عالية الأداء، و56% يعتمدون على الحلول السحابية، و26% يعملون على جاهزية اعتماد أنظمة عالية الأداء، مع تسجيل 91 حالة استخدام في الذكاء الاصطناعي والحوسبة عالية الأداء تعكس انتقال الإمارات إلى ريادة عالمية في هذا المجال.

وشهد المؤتمر أيضاً إعلان إطلاق سلسلة «ابتكارات التجارب التكنولوجية» التي تهدف إلى حصر 1000 استخدام للذكاء الاصطناعي ودراستها ضمن مبادرة تقرب الجهات الحكومية من شركات التكنولوجيا الرائدة وتفتح آفاق التعاون لاستشراف المستقبل. وتعمل السلسلة على تنسيق الحوارات المعرفية في مجالات الحلول والتجارب التكنولوجية وتطوير أطر عمل حكومية تسمح بتبنّي أحدث الحلول وتبيان التحديات وتطوير مهارات العاملين في القطاع العام وتوعية المجتمع بأهمية البيانات المفتوحة ودورها في مستقبل الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي. كما أُعلن عن إطلاق مؤشر «AI في الميدان»، وهو أول اختبار عالمي لقياس مدى توافق نماذج الذكاء الاصطناعي مع ثقافة دولة الإمارات وتقييم قدرتها على فهم اللهجات والقيم الإماراتية من خلال تحدٍ يركّز على عناصر الذكاء الثقافي ويقارن النماذج بلدانياً وعالمياً.

وفي إطار تمكين المواهب والأفراد أطلقت حزمة المبادرات في الاقتصاد الرقمي، ومنها منصة «الأكاديمية الرقمية» بالتعاون مع منصة جاهز التابعة للهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، لتمكين المهارات الرقمية المستقبلية وتوفير مسارات تعلم في الاقتصاد الرقمي. كما تضم الحزمة «المنصة الوطنية لفرص عمل الاقتصاد الرقمي» بالتعاون مع لينكدإن لربط وظائف الاقتصاد الرقمي بمواهب الإمارات. وتشتمل أيضاً على برنامج تحفيزي لشركات قطاع الاقتصاد الرقمي بالتعاون مع «إيغنايت» ونظام يساعد الشركات الناشئة باستخدام الذكاء الاصطناعي وتسهيل التواصل مع الخبراء وتوفير جلسات فردية مع أكثر من 100 خبير. وتؤكد هذه المبادرات تماشيها مع الأهداف الوطنية للاقتصاد الرقمي الرامية إلى مضاعفة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي وتعزيز مكانة الإمارات كمركز اقتصادي رقمي عالمي مزدهر.

مقالات ذات صلة