رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

مدارس تستهدف الطلبة من خلال منظومة موسعة من برامج الإرشاد المهني

شارك

أطلقت مدارس حكومية وخاصة هذا العام منظومة موسعة من برامج الإرشاد المهني تستهدف طلبة المرحلة الثانوية بهدف دعمهم في تحديد مسارهم الأكاديمي والوظيفي بصورة واعية ومترابطة، في ظل عالم يشهد تغيرات مهنية متسارعة وظهور تخصصات جديدة تتطلب مهارات نوعية.

وتؤكد إدارات المدارس أن الإرشاد المهني أصبح اليوم ضرورة، وليس مجرد نشاط جانبي، إذ يعتمد على خطط سنوية منظمة تجمع بين التقييم والتوجيه الفردي والتجربة الواقعية داخل الجامعات وبيئات العمل المستقبلية.

وانطلقت المدارس هذا العام من تطوير الإرشاد المهني على فهم ميول الطلبة مبكراً وتحويل هذه الميول إلى خطط مهنية قابلة للتنفيذ، عبر سلسلة من اللقاءات والورش والدعم المستمر، ويأتي ذلك في وقت تتزامن فيه جهود المدارس مع توجهات الدولة نحو بناء جيل يمتلك القدرة على اتخاذ قرارات واعية بشأن مستقبله الجامعي والمهني.

إجراءات متكاملة

اتخذت المدارس مجموعة من الإجراءات العملية لإرشاد الطلبة نحو مهن المستقبل، بدأت بإجراء اختبارات للميول المهنية باستخدام أدوات تقييم معتمدة تكشف خصائص الطالب المهنية بدقة، تلاها تنظيم جلسات فردية للإرشاد الأكاديمي يناقش فيها المرشدون مع كل طالب اهتماماته وقدراته والخيارات التعليمية المناسبة له.

كما نفّذت المدارس ورش عمل تخصصية تغطي مجالات مهن المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وعلوم البيانات والطاقة المتجددة، بما يتيح للطلبة فهماً واقعياً لطبيعة هذه المجالات.

إلى جانب ذلك، نظمت المدارس زيارات ميدانية للجامعات والمراكز المهنية تمنحهم الفرصة لرؤية بيئات التعليم العالي عن قرب والتعرف إلى المختبرات والتخصصات التطبيقية.

وحرصت الإدارات على توفير لقاءات مباشرة مع خبراء ومهنيين لشرح تفاصيل كل مهنة ومساراتها المستقبلية ومتطلبات السوق، كما اعتمدت المدارس إعداد ملف مهني لكل طالب يتضمن ميوله ومهاراته المكتسبة وخططه المستقبلية والتخصصات المقترحة، وأخيراً فعّلت المدارس مبادرة إشراك أولياء الأمور عبر توجيههم لمناقشة نتائج الميول المهنية مع أبنائهم ودعمهم في اتخاذ قرار أكاديمي يعكس تطلعاتهم الحقيقية.

أسبوع المهن

وأوضحت المدارس أن «أسبوع المهن» يأتي ضمن الخطة الإرشادية السنوية لتعزيز الوعي المهني، حيث قدّم الأسبوع فعاليات متعددة بينها جلسات تعريفية وأدوات تقييم وعروض مهنية وأنشطة صفية تساعد الطالب على استكشاف تخصصات جديدة قد لا يكون على دراية بها.

كما ركّزت المدارس خلال الأسبوع على توجيه الطلبة إلى أهمية التخطيط المبكر وربط الميول الشخصية بالمهارات المطلوبة في مهن المستقبل.

وخلال فعاليات الأسبوع، استخدم الطلبة مقياس هولاند للميول المهنية، الذي ساعدهم على تحديد الأنماط التي ينتمون إليها مثل الواقعي والإبداعي والاجتماعي والمنظم والبحثي أو المغامر، وحرص المعلمون على شرح النتائج للطلبة بأسلوب مبسّط، مع توضيح التخصصات الجامعية المناسبة لكل نمط، ما جعل الطالب أكثر وعياً بما يناسبه من مجالات ومهن مستقبلية.

التجربة المباشرة

ومن جهته، قال منسق الإرشاد محمود فرغل إن تعزيز وعي الطلبة بالمستقبل المهني عبر الدمج بين المعرفة النظرية والتجربة الواقعية، ولذلك تم التركيز على تنظيم تجارب تطبيقية منها حضور الطلبة مختبرات الجامعات، وتجربة نماذج أولية للمهن، ومتابعة جلسات محاكاة حقيقية للمقابلات المهنية، ويأتي هذا التوجه في إطار تأكيد المدارس أن الطالب لن يتخذ قراراً صحيحاً دون رؤية واقعية لطبيعة العمل نفسه وللمهارات المطلوبة فيه.

قدرة الاختيار

ومن جهته، قال مروان حامد المرشد الأكاديمي إن الإرشاد المهني ليس مجرد تقديم معلومات، بل هو عملية تأسيس للثقة الداخلية لدى الطالب، ويوضح أن العديد من الطلبة يواجهون تردداً أو خوفاً من اتخاذ قرار يتعلق بالمستقبل، لكن الإرشاد العلمي يجعل الطالب أكثر قدرة على التعبير عن ذاته وفهم نقاط قوته.

ويضيف أن جلسات الإرشاد الفردي تساعد الطالب على كشف القدرات التي لم يكن يدركها، وتجعله قادراً على رؤية علاقة واضحة بين ما يحبه وما يمكن أن يدرسه لاحقاً. ويؤكد أن الإرشاد مستمر طوال العام لأنه أساس النجاح في اختيار التخصص، وأن الطالب يحتاج إلى متابعة ومناقشات مستمرة حتى تتكوّن لديه صورة واضحة عن المسار الذي يناسبه، مع إشعار بأن المدارس اليوم أصبحت أكثر وعياً بضرورة دمج الإرشاد في العملية التعليمية لجعل الطالب قادراً على اتخاذ قرار مبني على رؤية طويلة المدى.

حماية من الضغوط

وترى فاطمة الظنحاني الاختصاصية الاجتماعية أن أهم ما يقدمه الإرشاد هو حماية الطالب من اختيار التخصص تحت الضغط، سواء كان هذا الضغط من الأسرة أو الأصدقاء، موضحة أن جلسات النقاش الإرشادي تمنح الطالب مساحة آمنة للتعبير عن رغباته الحقيقية بعيداً عن التوقعات المفروضة عليه من الآخرين.

وتشير إلى أن هذا النوع من الدعم يساعد الطالب على بناء شخصية مستقلة ويجعله أكثر قدرة على اتخاذ قرار يعكس اهتماماته، وليس رغبات من حوله. وتلفت إلى أن المدارس بدأت تنفيذ أساليب حديثة تعتمد على الحوار المفتوح مع الطلبة، حيث يُسأل الطالب عن سبب اختياره للتخصص وهل القرار نابع من قناعة أم من تأثير خارجي.

وتضيف أن هذه الطريقة تساعد على تصحيح المسار في الوقت المناسب وتقلل من احتمال تغيير الطالب لتخصصه لاحقاً بسبب عدم ملاءمته لميوله.

مقالات ذات صلة