رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

الإمارات: التزام إنساني ودبلوماسي تجاه السودان

شارك

الموقف الإماراتي الثابت تجاه الأزمة السودانية

تؤكد الإمارات موقفها الثابت من الحرب الأهلية السودانية التي اندلعت في أبريل 2023 من خلال إدانة الانتهاكات الخطيرة والدعوة إلى وقف فوري للحرب وإطلاق حل سياسي يقوده المدنيون.

تؤكد أيضاً ضرورة حماية المدنيين وعدم استهداف الأحياء السكنية، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الجرائم والانتهاكات التي تُوثَّق يومياً في السودان.

الإدانات والنداءات الإنسانية

تشدد الإمارات منذ الأيام الأولى للأزمة على حماية المدنيين ووقف استهداف الأحياء السكنية، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الجرائم والانتهاكات التي تسجل يومياً في السودان.

أدانت في 9 يونيو 2024 الهجمات ضد المدنيين في مدينة الفاشر ووصفتها بأنها تصعيد خطير وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، مطالبة بفتح ممرات إنسانية وتأمين حماية عاجلة للمدنيين.

واعتبرت في بيان لوزارة الخارجية في 14 فبراير 2025 تقارير أممية عن استخدام أسلحة كيميائية في غرب دارفور جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها، مؤكدة ضرورة محاسبة مرتكبيها.

المسؤولية المشتركة والدعوة إلى إنهاء الحرب

تؤكد الإمارات أن جميع الأطراف تتحمل مسؤولية مشتركة عن الفظائع منذ بدء الصراع، وأن استمرار العمليات العسكرية سيطيل أمد المعاناة والأزمة الإنسانية، وأكدت هذا الموقف خلال مداخلة رسمية في مجلس حقوق الإنسان في 3 مارس 2025، ودعت إلى حماية النساء والأطفال وضمان حماية شاملة للمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني.

الحل السياسي بقيادة مدنيين

تتبنى الإمارات موقفاً يرى أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة، وتؤكد منذ مشاركتها في جدة في مايو 2023 وصولاً إلى اجتماعات المنامة وجنيف وواشنطن حتى 2025، الدعوة إلى حل سياسي شامل يضع مصلحة الشعب السوداني فوق مصالح الأطراف المتحاربة، مع إطلاق عملية انتقالية يقودها مدنيون مستقلون بهدف تشكيل حكومة مدنية خلال 9 أشهر تملك الشرعية والقدرة على استعادة مؤسسات الدولة والحفاظ على الاستقرار.

المسار الدولي والتعاون السياسي

رحبت الإمارات في 12 سبتمبر 2025 بالبيان الصادر عن الرباعية (الإمارات والسعودية والولايات المتحدة ومصر) واعتبرته اختراقاً مهماً ونقطة تحول لإعادة إطلاق المسار السياسي، وأعلنت عن دعمها للبيان في إطار تخفيف المعاناة السودانيين والتعاون مع المجتمع الدولي لإعادة المسار إلى مساره الصحيح.

المبادرة الإنسانية والهدنة

شددت الإمارات على ضرورة تحقيق هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، وهي مبادرة أعلنت عنها في 5 أبريل 2025، بهدف فتح ممرات آمنة للمساعدات في ظل تقارير أممية تشير إلى حاجـة 25 مليون سوداني إلى مساعدات عاجلة، بينهم أكثر من 4.5 مليون نازح منذ بداية الحرب، وتعتبر أن هذه الهدنة يجب أن تمهد لوقف دائم لإطلاق النار وتتيح إطلاق عملية سياسية شاملة وشفافة.

الدعم الإنساني والتنموي

أعلنت الإمارات وقوفها بجانب الشعب السوداني عبر مساعدات إنسانية وتنموية ضخمة، حيث قدمت من 2014 إلى 2025 نحو 3.9 مليار دولار من المساعدات.

أرسلت الإمارات من مايو 2023 حتى ديسمبر 2024 أكثر من 122 طائرة شحن إلى بورتسودان ودارفور محملة بـ 8,300 طن من المواد الغذائية والطبية ومستلزمات الإيواء.

ولدى الجانب الصحي أولوية كبرى، حيث أنشأت مستشفيين ميدانيين في أمدجراس وأبشي في تشاد لتوفير الخدمات الطبية للاجئين السودانيين، وافتتحت مستشفى في مادول بولاية بحر الغزال في جنوب السودان، إضافة إلى دعم لما يزيد عن 127 منشأة صحية في 14 ولاية.

قدمت الإمارات مساعدات مباشرة لأكثر من 650 ألف شخص داخل السودان، منها تزويد المستشفيات بمولدات كهرباء وإعادة تأهيل مراكز المياه وتوفير إمدادات غذائية لنحو 180 ألف أسرة، وفي نوفمبر 2024 أطلقت الدولة حملة طارئة لإطلاق 100 ألف سلة غذائية لسكان ولايتي الجزيرة وكسلا عبر جسر جوي شمل 14 رحلة خلال أسبوع واحد.

التزام مستمر ووقوف إلى جانب السودان قبل النزاع وبعده

أكّدت الإمارات أن دعمها للشعب السوداني ليس مرتبطاً بظروف النزاع فحسب بل هو التزام إنساني طويل الأمد، وشاركت في جهود إعادة الإعمار والمشاريع التنموية قبل اندلاع الحرب، بما في ذلك دعم برامج التعليم والصحة والبنية التحتية في الفترة بين 2016 و2022.

مواجهة التضليل والتحديات الأمنية

في مواجهة حملات التضليل التي رافقت النزاع، أعربت الإمارات عن قلقها من محاولات تشويه الحقائق وصرف الانتباه عن الجهود الإنسانية والدبلوماسية، وأكدت في بيان رسمي صادر بتاريخ 7 سبتمبر 2025 أن التضليل يطيل أمد الحرب ويزيد المعاناة، داعية إلى مواجهة خطاب الكراهية والدعاية المضللة، ودعم الإعلام المسؤول الذي ينقل الحقائق ويسهم في تعزيز مسار السلام.

حذرت الإمارات من خطر تزايد الجماعات المتطرفة والإرهابية داخل السودان، مشيرة في اجتماع أمني دولي في يوليو 2025 إلى أن انتشار هذه الجماعات يشكل تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة، ودعت إلى تعاون دولي لمحاصرة منابع الإرهاب ومنع تمدده.

رؤية الإمارات العامة تجاه السودان

تجسد هذه المواقف رؤية إماراتية واضحة تقوم على دعم الشعب السوداني، ورفض الحرب، وحماية المدنيين، والدفع نحو حلول سياسية مستدامة، وتؤكد مواصلة العمل مع المجتمع الدولي لضمان وقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتعزيز المسار الانتقالي بقيادة مدنية، بما يساعد السودان على تجاوز واحدة من أزماته الأكثر تعقيداً في تاريخه الحديث.

مقالات ذات صلة