أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) سلسلة فعاليات وطنية وإقليمية في دبي بمشاركة نحو 90 خبيرًا وممثلًا من الجهات الحكومية والمنظمات الإقليمية والدولية والقطاعات الأكاديمية والخاص، وتهدف إلى تطوير أنظمة الرقابة على الأغذية وتعزيز التعاون الفني والمؤسسي بين دول مجلس التعاون الخليجـي.
وأكدت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحّاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، أن استكمال مشروع تقييم نظام الرقابة على الأغذية على مستوى دولة الإمارات يمثل محطة استراتيجية تعزز مكانة الدولة كوجهة رائدة في بناء أنظمة غذائية مرنة وآمنة وفق أعلى المعايير الدولية.
وقالت معاليها إن هذه الخطوة لا تعكس فقط التزام الإمارات بتطوير منظومتها الوطنية وفق نهج قائم على الأدلة والشفافية، بل تجسّد أيضًا رؤية الدولة في دعم بناء القدرات المؤسسية وضمان سلامة الغذاء. وأشارت إلى أن التعاون الوثيق مع الفاو مكّن الدولة من تطبيق الأداة المحدثة لتقييم النظم الوطنية للرقابة على الأغذية لأول مرة على مستوى المنطقة، ما أتاح تحديد مجالات التطوير ذات الأولوية ووضع خطة وطنية شاملة تسهم في تعزيز الكفاءة الرقابية ورفع مستويات الثقة لدى الشركاء الإقليميين والدوليين.
وأضافت أن الورشة الإقليمية تشكل امتدادًا طبيعيًا لهذا النجاح الوطني، إذ تفتح آفاقًا أوسع للتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي من أجل مواءمة الأنظمة والمعايير الرقابية وفق اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية، بما يضمن انسيابية تجارة الغذاء الآمنة وتعزيز الأمن الغذائي المشترك. مؤكدة أن دولة الإمارات، بالتعاون من شركائها الدوليين، ماضية في ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للابتكار والاستدامة في مجال الغذاء، وأن التكامل الإقليمي وتبادل الخبرات العلمية والفنية هو الطريق الأمثل لبناء مستقبل غذائي آمن ومستدام للأجيال القادمة.
من جهته، قال السيد عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا: “تُعَد سلامة الأغذية عنصرًا أساسيًا لتحقيق الأمن الغذائي وضمان الغذاء الآمن والمغذي للجميع. ويجسد التعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجًا فعّالًا في بناء نظام رقابي متكامل يدعم التجارة الآمنة ويعزز استدامة سلاسل الإمداد الغذائي. وتتطلع الفاو إلى مواصلة العمل مع دول مجلس التعاون الخليجي لترسيخ هذا النهج وتحقيق أنظمة غذائية أكثر كفاءة واستدامة.”
التقييم والتحليل الاستراتيجي لمنظومة الرقابة
تندرج هذه الفعليات ضمن مشروع “التقييم والتحليل الاستراتيجي لمنظومة الرقابة على الأغذية في دولة الإمارات” الذي أطلقته الوزارة مع الفاو رسميًا في فبراير 2025 باستخدام أداة تقييم نظم الرقابة على الأغذية المشتركة بين الفاو ومنظمة الصحة العالمية، وهي أداة دولية معتمدة لتقييم 25 كفاءة وأكثر من 160 معياراً تشمل 1500 مدخل للإطارات التشريعية والتنظيمية والرقابية والإدارية.
وقد أسهمت عملية التقييم في تحديد نقاط القوة وأولويات التطوير في النظام الوطني، ووضع خطة عمل وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز كفاءة منظومة الرقابة وضمان توافقها مع المعايير والممارسات الدولية.
ويُعد هذا التقييم أول تطبيق مكتمل للأداة في منطقة دول مجلس Cooperation الخليجـي، مما يوفر نموذجًا عمليًا للتخطيط المؤسسي في مجال الحوكمة الغذائية، ويسهم في دعم التكامل التجاري الإقليمي والتنمية الزراعية المستدامة.
الورشة الوطنية والمرحلة الإقليمية
وفي الفترة من 10 إلى 13 نوفمبر 2025، انطلقت الورشة الاستراتيجية الوطنية التي مثّلت المرحلة الختامية من عملية التقييم الفني للنظام الوطني للرقابة على الأغذية، بمشاركة نقاط الاتصال الفنية من الجهات المختصة في دولة الإمارات.
استهلت الورشة باجتماع تمهيدي جمع كبار المسؤولين التنفيذيين، جرى خلاله عرض نتائج التقييم الوطني ومناقشة سبل تعزيز الدعم المؤسسي لتنفيذ توصياته.
وشهدت الورشة جلسات تحليلية ركزت على مراجعة التوصيات وتحديد الأولويات وصياغة خطة عمل وطنية شاملة تتضمن الإجراءات التطويرية وتوزيع المسؤوليات بين الجهات المعنية وتحديد الجداول الزمنية ومؤشرات الأداء لقياس التقدم.
واختتمت الفعاليات باجتماع خُصص لعرض مخرجات التحليل الفني على صناع القرار، تمهيدًا لاعتماد خطة العمل الوطنية والانطلاق نحو مرحلة التنفيذ، وذلك بمشاركة خبراء وشركاء دوليين في مجال سلامة الأغذية.
وبعد اختتام الورشة الوطنية واعتماد خطة العمل الوطنية، انتقل التعاون إلى المستوى الإقليمي من خلال ورشة عمل إقليمية عقدت لمدة يومين جمعت كبار المسؤولين من وزارات الزراعة والصحة والتجارة في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب اللجنة الدائمة لسلامة الأغذية بالأمانة العامة للمجلس وممثلي مكاتب الفاو الإقليمية والدولية.
وشكّل اللقاء منصة للحوار وتبادل الخبرات واستعراض سبل مواءمة المعايير والأنظمة الرقابية بما يتماشى مع اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية (SPS)، وتعزيز آليات التعاون الإقليمي، إلى جانب تسليط الضوء على دور التقييم القائم على الأدلة في تطوير السياسات الغذائية وضمان استدامة وانسيابية التجارة الآمنة في المنطقة.
ويأتي هذا التعاون ضمن الشراكة المستمرة بين منظمة الفاو ووزارة التغير المناخي والبيئة، وتجسيدًا لرؤية إقليمية نحو بناء أنظمة غذائية أكثر أمانًا واستدامة، وتعزيز التعاون في مجالات سلامة الأغذية والأمن الغذائي بما يواكب أهداف التنمية المستدامة وبناء نظم غذائية أكثر صمودًا، وتعزيز القدرات المؤسسية والفنية، وتحقيق التكامل الإقليمي في دول مجلس التعاون الخليجي بما يدعم تعزيز الأمن الغذائي المشترك.








