أعلنت دراسة علمية نشرت مؤخرًا في مجلة البيولوجيا الجوفية عن اكتشاف مدهش داخل كهف بجنوب أوروبا. تشير النتائج إلى وجود نظام بيئي قائم على الكبريت يتوسط شبكة عنكبوتية ضخمة تمتد على جدار ممر ضيق قرب مدخل الكهف. تبلغ مساحة الشبكة نحو 106 أمتار مربعة وتتكون من آلاف الأنسجة القمعية المتشابكة التي تشبه مدينة عناكب تحت الأرض. تكشف الدراسة أن الشبكة تشكل بنية غذائية ونسيجًا بيئيًا متكامل ضمن موقع مغلق.
يعيش داخل الشبكة نوعان من العناكب هما تيجيناريا دوميستيكا المعروفة بعنكبوت الغزلان القمعي أو عنكبوت المنازل، وبراينريجونى فاجانز. في البداية توقع العلماء أن أحد النوعين قد يفترس الآخر، لكنهم وجدوا بدلاً من ذلك تناغمًا بيئيًا نادرًا في الكهف المظلم. ويرجح الباحثون أن غياب الضوء أثر في سلوك العناكب فضعفت الرؤية والافتراس، ما أدى إلى اعتمادها على توازن غذائي مشترك.
نظام كبريتي فريد في الكهف
يتغذى العناكبان على بعوض غير العاض يعتمد في غذائه على أغشية حيوية بيضاء مكونة من بكتيريا مؤكسدة للكبريت. أظهرت تحاليل أمعاء العناكب أن النظام الغذائي الغني بالكبريت قلل من التنوع الميكروبي الداخلي مقارنة بعناكب خارج الكهف، وهو ما يشير إلى وجود شبكة غذائية محكومة بتركيبة ميكروبية ومتكاملة داخل المكان. يعكس هذا الاكتشاف توازنًا بيئيًا معقدًا داخل نظام مغلق يعتمد على التفاعل بين البكتيريا والكائنات الأكبر.
أعرب العلماء عن إعجابهم العميق بهذا الاكتشاف واعتبروا أنه يمنح علم الأحياء والكهوف موارد ثمينة لفهم التكيفات في البيئات المعزولة. وأشاروا إلى أن الشبكة الكبيرة قد تكون مصدر إلهام محتمل لأفلام رعب مستقبلية بسبب تصميمها المعقد ومساحتها الشاسعة تحت الأرض. كما رُصدت دلائل على أن النتائج تسلط الضوء على أهمية دراسة علاقات الغذاء والتكاثر بين الكائنات داخل النُظم المغلقة.
