أظهرت الدراسات الحديثة أن جودة النوم ليست عامل استرخاء فحسب، بل عاملًا رئيسيًا يحكم احتمالية الإصابات بين العدائين. شملت دراسة واسعة بيانات مئات المتسابقين على مدار عام كامل وتمت متابعة نمط النوم وتواتر الاضطرابات الليلية. أظهرت النتائج أن الذين ينامون ساعات أقل أو يعانون اضطرابات نوم متكررة يواجهون احتمالاً أعلى للإصابة خلال سنة من التدريب، مقارنةً بالعدائين الذين ينامون بشكل منتظم وبجودة جيدة. وتؤكد هذه النتائج أن النوم الجيد يعد عنصرًا أساسيًا في الوقاية من الإصابات وتحسين التعافي والتكيف مع التدريبات.
أربعة أنماط نوم تحدد مخاطر الإصابات
النوم المنتظم يمثل أكبر فئة في العينة، حيث يحصل الأشخاص في هذه الفئة على 7 ساعات أو أكثر من النوم وتكون جودة النوم جيدة عمومًا. وتظهر النتائج أن هؤلاء يواجهون أقل مخاطر الإصابات مقارنةً بباقي الفئات. يلاحظ أن انتظام النوم يساند تعافي الأنسجة والتحكم الهرموني ويؤدي إلى أداء تدريبي مستقر. بالتالي، يظل خطر الإصابات لديهم منخفضاً بشكل ملحوظ خلال العام.
قِلة النوم تشكل أكثر من ثلث العينة، حيث ينام هؤلاء أقل من الحد الموصى به وتظهر لديهم اضطرابات نوم واضحة. سجلت هذه الفئة أعلى معدل إصابات بين المجموعات الأربع. يعزز نقص النوم ضعف التعافي وزيادة الإجهاد الالتهابي، مما يؤدي إلى تزايد احتمالية الإصابات خلال التدريب. تفوق نسبة الإصابة لدى هذه المجموعة نحو 68% مقارنة بباقي الفئات، وهو توضيح واضح لأثر النوم غير الكافي.
النوم عالي الكفاءة هو فئة صغيرة لكنها مميزة، إذ يحصل أفرادها على مدة نوم مشابهة لتلك الخاصة بالنوم المنتظم، لكن جودة النوم لديهم أعلى وتكون لديهم طاقة عالية عند الاستيقاظ. وتظهر هذه المجموعة معدلات إصابة منخفضة مقارنة بالفئات الأخرى، وتُظهر قدرة أفضل على التعافي والتكيف مع أحمال التدريب. يعزز النوم العالي الجودة الأداء والقدرة على التحمل ويقلل من الإجهاد الذهني والبدني خلال التمارين. وهكذا، تلعب جودة النوم دوراً رئيسياً إلى جانب كمية النوم في حماية الرياضيين من الإصابات.
النوم المتقطع يمثل فئةً تحصل على مدة نوم مقبولة لكنها تتخللها استيقاظات متكررة، ما يقلل الاستفادة الحقيقية من النوم رغم طول مدته. تبدي هذه الفئة معدلاً أعلى من الإصابات مقارنة بالنوم المنتظم، رغم تشابه ساعات النوم. يعود ذلك إلى أن الاستيقاظات المتكررة تعطل عمليات الإصلاح وتقلل من كفاءة التعافي. بالتالي، يعتبر تقليل الاستيقاظات الليلية وتحسين استمرارية النوم هدفاً رئيسياً للوقاية من الإصابات.
لماذا يرفع السهر خطر الإصابة؟
على الرغم من أن الدراسة لا تثبت علاقة سببية قاطعة، يشير العلماء إلى آليات بيولوجية وسلوكية تدعم النتائج. فغياب التعافي العضلي يظهر عندما لا يحصل الجسم على مرحلة النوم العميق التي يفرز خلالها هرمون النمو بانتظام، فتتراكم إصابات دقيقة إلى أن تصل إلى إصابة حقيقية. كما أن السهر يزيد الالتهاب في الجسم، ما يجعل العضلات أكثر عرضة للإجهاد والتمزق. كما يقلل قلة النوم اليقظة والانتباه والتنسيق الحركي، ما يعزز احتمال ارتكاب أخطاء أثناء الجري وتحميل الوزن بشكل غير صحيح على المفاصل والأوتار.
هل تساعد القيلولة في التعافي؟
تشير الأدلة إلى أن القيلولة يمكن أن تعيد جزءاً من التعافي المفقود أثناء الليل. قد تكون القيلولة القصيرة نحو 20 دقيقة مفيدة قبل تمارين تتطلب سرعة اتخاذ القرار، بينما تتيح القيلولة الأطول حتى 90 دقيقة المرور بدورة نوم كاملة وتحسين إصلاح العضلات لدى العدائين قبل الحصص الشاقة.
تقييم التدريب بعد ليلة سيئة
لا تعتبر ليلة واحدة من السهر سبباً كافياً لإلغاء التدريب، ولكن إذا تكرر اضطراب النوم أو انخفضت جودته فجأة فذلك قد يشير إلى خلل في التوازن بين الجهد والتعافي. قد يستلزم الأمر تقليل شدة التمارين، أو تطبيق ممارسات نظافة النوم، أو استشارة مختص عند ظهور علامات مثل الأرق المستمر أو انقطاع النفس أثناء النوم. يساعد الالتزام بنظام نوم منتظم وتقييم الاستجابة التدريبية على تقليل مخاطر الإصابة المرتبطة بالنوم السيئ.
كيف تعرف أنك تنام بما يكفي؟
يحدد الجسم عادةً عدد ساعات النوم التي يحتاجها معظم الناس بما يتراوح بين 7 و9 ساعات. لاختبار ذلك، يكفي التوجه للنوم مبكرًا لعدة أيام وملاحظة ما إذا كان الاستيقاظ تلقائيًا قبل المنبه، فهذه علامة على أنك تحصل على الكمية الكافية. إذا استيقظت بنشاط وبشكل تلقائي من دون الاعتماد على المنبه، فغالباً تكون كمية النوم كافية. يساعد الالتزام بعادات نوم منتظمة وتقييم الأداء خلال التدريب في ضبط العادات وتحسين الحماية من الإصابات.








