رئيس التحرير: حسام حسين لبش
مدير التحرير: علي عجمي

أضرار سلوكية ونفسية للإفراط في تدليل الطفل

شارك

يؤكد خبراء النفس أن الحب والحنان داخل الأسرة قد يبدو حلماً مثالياً، إلا أن الإفراط فيه قد يولد مشاكل سلوكية ونفسية. وتوضح هذه الآراء أن التدليل المفرط قد ينشأ حين يحصل الطفل الوحيد على دعم مادي وعاطفي غير محدود من ستة بالغين هم الوالدان وأربعة من الأجداد. ويتسع أثره ليشمل النمو النفسي والاجتماعي للطفل، حيث يفقد تدريجيًا القدرة على التعامل مع الحدود والرفض والإحباط اليومي.

جذور المصطلح ومعناه

يشرح علماء النفس أن ظاهرة التدليل الزائد تتكوّن عندما يحرص الأهل والأجداد على منع أي تجربة سلبية عن الطفل، فينشأ دون أن يطوّر مهارة التكيف أو تقبّل الفشل. ونتيجةً لذلك يعتاد الطفل على أن يُلبّى طلبه فورًا، ويفقد التوازن بين الجهد والنتيجة. هذا النمط يمثل نموذجاً متطوراً من التربية المفرطة الحماية يؤدي فيما بعد إلى صعوبات في التكيف مع المجتمع.

التأثير النفسي والسلوكي

يشير خبراء السلوك إلى أن الأطفال الذين يعيشون تحت وابل التدليل الزائد يظهرون سمات مثل الغرور المفرط، وضعف المرونة العاطفية، وقلة الصبر أمام التحديات. كما تحذر الأخصائية الدكتورة سوشما جوبالان من أن غياب الحدود يجعل الطفل يعتمد كلياً على المكافآت المادية لتقدير ذاته، فيربط النجاح بما يحصل عليه لا بما يجهد من أجل ذلك. وهذا يؤدي إلى ضعف الحس بالمسؤولية ونزعة استهلاكية مبكرة قد تلازمه في شبابه.

مظاهر المتلازمة في الحياة اليومية

قد تبدو مطالب الطفل في البداية بسيطة كالرغبة في السيطرة أو رفض التقويم أو الغضب عند المنع، لكنها تراكم مع الوقت لتكوّن شخصية اعتمادية وأنانية مفرطة. يؤكد الخبراء أن المشكلة ليست في الحب بحد ذاته، بل في غياب التوازن بين العاطفة والانضباط. عند منح الطفل كل شيء بلا مقابل، يفتقد تدريجياً إلى نضجه الانفعالي وقدرته على تحمل المسئوليات.

مسئولية الأسرة في الوقاية والعلاج

يؤكد الخبراء أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب وعيًا جماعيًا وتعاونًا من جميع أفراد الأسرة، خاصة الأجداد الذين يمارسون التدليل المفرط. يجب أن يتفق الجميع على قواعد موحدة في التعامل مع الطفل مع منح مساحة للحرية مع مسؤولية واضحة. كما تُسهم خطوات عملية مثل وضع حدود للمطالب، وتشجيع المشاركة في الأنشطة المنزلية، ومكافأة الجهد بدلاً من النتائج، وتوفير فرص للفشل دون تدخل مبكر في تعزيز التطور الانضباطي للطفل.

دور الأنشطة الاجتماعية في التوجيه السلوكي

ويرتبط تنظيم الوقت الاجتماعي للطفل بإيجابيات كبيرة، حيث تُسهم المشاركة في الألعاب الجماعية والأنشطة التطوعية في تعزيز التعاطف وضبط السلوك. كما تتيح هذه التجارب للطفل مواجهة الانتقادات والحدود بشكل بنّاء، مما يعزز قدرته على التكيف. وتساعد هذه الخبرات في تخفيف الاعتماد المفرط على المكافآت وتحفيز الجهد المستمر عبر الواقع وليس فقط عبر المكافأة.

وجهة نظر الخبراء

تؤكد الدكتورة ديفيا كانان، أخصائية علم النفس الإكلينيكي، أن الوقاية تبدأ من مرحلة الطفولة المبكرة وتقتضي تربية متوازنة تجمع بين الحنان والحزم. كما يرى خبراء علم النفس التربوي أن المسار التصحيحي ممكن في أي مرحلة بشرط التزام الأسرة بنمط تربوي واحد وعدم التضارب بين دور الأجداد والآباء. العلاج لا يكون بإلغاء الحب، بل بتوجيهه بطريقة صحية تعزز استقلالية الطفل وضبط نفسه.

مقالات ذات صلة