تشهد الساحة الإعلامية اختلاطاً بين الحقيقة وضجيج الافتراء الذي انتشر أسرع من أشعة الشمس في رابعة النهار، وتعرض حسابات مأجورة تُعيد تدوير الأكاذيب عن الإمارات ودورها في السودان، متناسيةً وقوفها مع الشعب السوداني ومساعدته بالدواء والغذاء في زمن الحرب.
منذ اندلاع الحرب السودانية سهّلت الإمارات إيصال المساعدات إلى العالم عبر قوافل وطائرات، وتدفّق ما يناهز 4 مليارات دولار خلال العقد الأخير دعماً للشعب السوداني في محنته، فيما انشغل كثيرون بالنفخ في أتون الحرب وتجار المعاناة.
التضليل والتلاعب الإعلامي
تظهر جماعات، على رأسها الإخوان، تتغذّى على الفوضى وتستهدف الإمارات بنسخ زائفة من السياسة والإغاثة، متناسيةً أن الإمارات تقف مع الشعب السوداني وتدعمه بمحبة ويد بيضاء، وأن الحقيقة أقوى من أي صوت مزعج. ويشير الباحث السوداني الدكتور إسحاق آدم، أستاذ الكيمياء في جامعة الخرطوم، إلى أن الهجوم على الإمارات بزعم انتهاكات حقوق الإنسان في الفاشر لا يعكس الواقع، فالحملة مصدرها الإخوان في السودان والمنطقة، وهم من كان وراء الإبادة في دارفور منذ 2003 وحتى الآن كما شهدت به المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال في حق عمر البشير وأحمد هارون. ويرى آدم أن من يدينون انتهاكات الدعم السريع يغضون الطرف عن انتهاكات الجيش وميلشيات الإخوان، متجاهلين صدقية وأخلاقهم الإنسانية.
تُظهر أشكال التضليل سلاحاً بلا ذخيرة، فهو يزدهر في أجواء القلق والشك، ويُغذّى بتقنيات تكنولوجية في الواقعين الافتراضي والواقعي، من خلال تزييف الأخبار والصور المولّدة بالذكاء الاصطناعي. وتؤكد منصات كشف التضليل أن كثيراً من المقاطع والصور التي رُوجت حول السودان مفبركة، منها منصة «بيم ريبورتس» التي تشدد على أن المحتوى الكاذب يفقد الأدلة قيمتها، وأن تلك الحملات قد تهدف إلى تبرئة طرف على حساب آخر.
الحقيقة أن الإمارات ظلت صوت العقل وضمير الإقليم، تدعو لوقف الحرب وتعمل على تهيئة مسار سياسي يحقن الدماء ويمهّد لسلام مستدام، بينما يسعى الإخوان لتمديد الصراع إلى آخر جندي وآخر طفل في السودان.
يتحدث قيادي في حزب الأمة القومي عروة الصادق قائلاً إن الهدنة المقترحة هي الامتحان الأخطر لضمير القوى السودانية، مشيراً إلى أن تجار الدم هم المنتفعون من استمرار الحرب، وهم طبقة من سماسرة السلاح وتجار الذهب والعملات ومقاولي الدمار.
الموقف الإماراتي وخيارات السلام
تقف الإمارات على مسافة واحدة من طرفي النزاع في السودان، ثابتة على دعوتها إلى السلام والحوار ووقف نزيف الدم، بعدما أدركت ببصيرتها أن الطرفين فَقِدا الأهلية اللازمة لإرساء الاستقرار وقيادة مسيرة الازدهار. من هذا المنطلق دعت إلى تمكين القوى المدنية من أخذ دورها في انتشال السودان من دوّامة الفوضى والاقتتال، في موقف إنساني يعكس معدنها الأصيل ويفضح نيات من يهاجمونها، بينما تظل تقف خلف من يغذّي الصراع بالسلاح والمال من وراء ستار طمعاً في دوام الانقسام ونهب ثروات السودان.
ستبقى الإمارات، كما كانت دائماً، على الضفة التي يلتقي عندها الضمير الإنساني بعقلٍ عربيٍّ رشيد، تعمل من أجل السودان كما تعمل من أجل كل إنسان، وتترك للأيام مهمة كشف الحقيقة حين تسقط الأقنعة ويخيب الزيف. لقد فتحت أبوابها لمئات الآلاف من السودانيين، ومنحتهم الأمن وفرص العيش الكريم، حين اشترط غيرها عليهم آلاف الدولارات مقابل عبور الحدود.
فليقل من شاء ما شاء، فالإمارات تعرف وجهتها جيداً، وتمضي فيها بثقة الصالحين لا ضجيج المتعصبين. ولعل التاريخ سينصفها حين تخفت الأصوات ويسمو صوت الحقيقة.








